578

الفرق الضالة المتوعدة بالنار، هل تخلد فيها؟ وكيف يعرف المسلم الفرقة الناجية؟

السؤال: 565214

بخصوص الحديث تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنين وسبعين، والمسلمون على ثلاث وسبعين فرقة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلهم فالنار إلا واحدة)، فهل جميع ال٧٢ فرقة المسلمة في النار مخلدين فيها، أم يعذبون، ويخرجون كمن أسرف على نفسه من الكبائر؟ وكيف نتأكد إننا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم؟

ملخص الجواب

 أتباع الفرق الضالة لا يحكم عليهم كلهم بالكفر بمجرد هذا الوعيد، بل فيهم المنافق النفاق الأكبر الذي يخلد في النار، وفيهم المسلم المبتدع الذي قد يعذب في النار ثم يدخل الجنة، كحال أصحاب الكبائر، وفيهم المسلم المعذور بجهله، وسبيل الدخول في الفرقة الناجية هو التمسك بما كان عليه الصحابة والسير على منهجهم. 

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

حديث الافتراق ورد من طرق عدة، من ذلك:

ما رواه أبو داود (2640)، والترمذي (4596)، وابن ماجه (3991)، وغيرهم: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَفَرَّقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً).

قال الترمذي: " وَفِي البَابِ عَنْ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " انتهى.

وقد جاء في بعض روايات الحديث: أن هذه الفرق كلها في النار إلا واحدة. فمن ذلك:

حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) رواه ابن ماجه (3993).

وحديث أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ قَامَ فِينَا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا فَقَالَ: ( أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) رواه الإمام أحمد في (28 / 134)، وأبو داود (4597).

والنص على: ( كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً )، لا يلزم منه خلودهم كلهم في النار، فالوعيد بالنار يأتي أيضا على الذنوب التي لا يكفر فاعلها. فمن ذلك: قول الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) النساء/10.

وقول الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) النساء/29 – 30.

ومما يشير إلى أنهم لا يلزم من دخولهم النار كفرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم نسبهم إلى أمته.

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

" قوله: ( سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً )؛ فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجة من الدين، إذ قد جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم ‌كلهم ‌من ‌أمته " انتهى. "معالم السنن" (4/295).

وسُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمة حيث يقول في حديث: ( كلهم في النار إلا واحدة )، وما الواحدة؟

وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار، على حكم المشرك أم لا؟

إذا قيل: أمة النبي صلى الله عليه وسلم هل هذه الأمة تقال لأتباعه وغير الأتباع؟ أو يقال لأتباعه فقط؟

الجواب: المراد بالأمة في هذا الحديث: أمة الإجابة، وأنها تنقسم ثلاثا وسبعين، ‌ثنتان ‌وسبعون ‌منها ‌منحرفة، مبتدعة بدعا لا تخرج بها من ملة الإسلام، فتعذب ببدعتها وانحرافها، إلا من عفا الله عنه وغفر له، ومآلها الجنة، والفرقة الواحدة الناجية هي أهل السنة والجماعة، الذين استنوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولزموا ما كان عليه هو وأصحابه رضي الله عنهم، وهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ‌لَا ‌تَزَالُ ‌طَائِفَةٌ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي قَائِمَةً عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ ولا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ).

أما من أخرجته بدعته عن الإسلام، فإنه من أمة الدعوة، لا الإجابة؛ فيخلد في النار، وهذا هو الراجح ...

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى."فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (2 / 157).

ومن المعلوم من تاريخ الفرق المنحرفة، أننا كثيرا ما نجد أتباع الفرقة الواحدة على درجات في الانحراف عن الحق، فمنهم من ينحرف انحرافا يدخله في الابتداع لكن لا يخرجه عن الإسلام، ومنهم من ينحرف انحرافا مخرجا من الإسلام، كالشيعة مثلا؛ فمنهم الزيدية، وهم على بدعتهم: لم يرتدوا. ثم من طوائف المنتسبين إلى التشيع: من كفر بضلالاته وانحرافاته العظيمة عن المحجة البيضاء.

وكذلك: يوجد من أتباع هذه الفرق من ضل عن طريق الفرقة الناجية لجهله، فتجده راغبا في اتباع الكتاب والسنة لكن يجهل الحق، لعدم وجود من يرشده إلى سبيل السنة والجماعة، ومنهم من يتبع هذه الفرق الضالة رغبة منه عن الحق والصراط المستقيم.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" قالوا: وإنما الكافر من عاند الحق، لا مَن جَهِله. وهذا قول المتقدمين من العلماء، ومن سلك سبيلهم من المتأخرين " انتهى. "التمهيد" (18 / 42).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وفصل الخطاب في هذا الباب بذكر أصلين:

أحدهما: أن يعلم أن الكافر في نفس الأمر، من أهل الصلاة: لا يكون إلا منافقا. فإن الله منذ بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه القرآن، وهاجر إلى المدينة صار الناس ثلاثة أصناف:

مؤمن به، وكافر به مظهر الكفر، ومنافقٌ مستخْفٍ بالكفر... وإذا كان كذلك:

فأهل البدع فيهم المنافق الزنديق؛ فهذا كافر. ويكثر مثل هذا في الرافضة والجهمية، فإن رؤساءهم كانوا منافقين زنادقة. وأول من ابتدع الرفض كان منافقا. وكذلك التجهم فإن أصله زندقة ونفاق، ولهذا كان الزنادقة المنافقون من القرامطة الباطنية المتفلسفة وأمثالهم، يميلون إلى الرافضة والجهمية لقربهم منهم.

ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنا وظاهرا؛ لكن فيه جهل وظلم، حتى أخطأ ما أخطأ من السنة؛ فهذا ليس بكافر، ولا منافق.

ثم قد يكون منه عدوان وظلم، يكون به فاسقا أو عاصيا؛ وقد يكون مخطئا متأولا مغفورا له خطؤه؛ وقد يكون مع ذلك: معه من الإيمان والتقوى، ما يكون معه من ولاية الله، بقدر إيمانه وتقواه.

فهذا أحد الأصلين.

والأصل الثاني: أن المقالة تكون كفرا: كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات المحارم.

ثم القائل بها: قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب، وكذا لا يكفر به جاحده، كمن هو حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام: فهذا لا يحكم بكفره بجحد شيء مما أنزل على الرسول، إذا لم يعلم أنه أُنزل على الرسول.

ومقالات الجهمية هي من هذا النوع، فإنها جَحد لما هو الرب تعالى عليه، ولما أنزل الله على رسوله ...

لكن مع هذا؛ قد يخفى كثير من مقالاتهم، على كثير من أهل الإيمان، حتى يظن أن الحق معهم، لما يوردونه من الشبهات، ويكون أولئك المؤمنون مؤمنين بالله ورسوله باطنا وظاهرا؛ وإنما التبس عليهم واشتبه هذا، كما التبس على غيرهم من أصناف المبتدعة، فهؤلاء ليسوا كفارا قطعا، بل قد يكون منهم الفاسق والعاصي؛ وقد يكون منهم المخطئ المغفور له؛ وقد يكون معه من الإيمان والتقوى، ما يكون معه به من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه " انتهى. "مجموع الفتاوى" (3 / 354 — 355).

فالحاصل؛ أن أتباع هذه الفرق الضالة المتوعدة بالنار، لا يحكم عليهم كلهم بالكفر بمجرد هذا الوعيد، بل فيهم المنافق النفاق الأكبر الذي يخلد في النار، وفيهم المسلم المبتدع الذي قد يعذب في النار ثم يدخل الجنة، كحال أصحاب الكبائر، وفيهم المسلم المعذور بجهله.

ولمزيد الفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (220903).

ثانيا:

سبيل الدخول في الفرقة الناجية، قد بينه الحديث وهو بالتمسك بالجماعة، أي المجتمعين على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأول الداخلين في هذه الجماعة هم الصحابة رضوان الله عليهم، كما فسرتها الرواية الأخرى عند الترمذي (2641): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( وَإِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً.

قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: (مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي).

قال ابن رسلان رحمه الله تعالى:

" ( وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) توضحه رواية الترمذي: "( تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي ).

وفيه دليل على فضيلة الاعتصام بالسنة والتمسك بها، لا سيما عند كثرة البدع وظهور الأهواء المضلة في هذه المسألة " انتهى."شرح سنن أبي داود" (18 / 80).

وقال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وقوله صلى الله عليه وسلم: ( فمَنْ ‌يَعِش ‌مِنْكُمْ بعدي، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ )، هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمّته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدّين وفروعه، وفي الأقوال والأعمال والاعتقادات، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمّته على بضع وسبعين فرقة، وأنها ‌كلّها ‌في ‌النّار إلّا فرقة واحدة، وهي من كان على ما هو عليه وأصحابه.

وكذلك في هذا الحديث، أمر عند الافتراق والاختلاف: بالتمسّك بسنته، وسنةِ الخلفاء الرّاشدين من بعده.

والسنة: هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الرّاشدون، من الاعتقادات، والأعمال، والأقوال. وهذه هي السنة الكاملة. ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السّنّة إلا على ما يشمل ذلك كلّه، ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض " انتهى. "جامع العلوم والحكم" (2 / 120).

فالمسلم الطالب للنجاة: يجتهد في أن يكون متمسكا في اعتقاداته وأقواله وعباداته ومعاملاته بما جاء في القرآن والسنة الثابتة، على الفهم الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام " انتهى . "مجموع الفتاوى" (13 / 243).

فمن كان متبعا للصحابة في طريقة الفهم والعمل بالكتاب والسنة، فهو موعود بالنجاة يوم القيامة والفوز بالرضوان.

قال الله تعالى:

( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة /100.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ( وَالَّذِينَ ‌اتَّبَعُوهُمْ ‌بِإِحْسَانٍ ) بالاعتقادات والأقوال والأعمال، فهؤلاء، هم الذين سلموا من الذم، وحصل لهم نهاية المدح، وأفضل الكرامات من الله " انتهى. "تفسير السعدي" (ص350).

يقول الإمام الصنعاني، رحمه الله، في كلام له نافع حول هذا الحديث، ومشكِل معناه:

"الْجِهَة الثَّانِيَة من جهتي الْإِشْكَال: فِي تعْيين الْفرْقَة النَّاجِية.

فقد تكلم النَّاس فِيهَا؛ كل فرقة تزْعم أَنَّهَا هِيَ الْفرْقَة النَّاجِية، ثمَّ قد تقيم بعض الْفرق على دَعْوَاهَا برهانا أَوْهَى من بَيت العنكبوت.

وَمِنْهُم من يشْتَغل بتعداد الْفرق الْمُخَالفَة لما هُوَ عَلَيْهِ، ويعمد إِلَى مَا شذت بِهِ تِلْكَ من الْأَقْوَال، فينقله عَنْهَا، ليبين بذلك أَنَّهَا هالكة لاعتمادها على تِلْكَ الْأَقْوَال، وَأَنه نَاجٍ بخلوصه عَنْهَا!! وَلَو فتش مَا انطوى عَلَيْهِ، لوجد عِنْده من المقالات مَا هُوَ أشنع من مقالات من خَالفه، لَكِن عين الْمَرْء كليلة عَن عيب نَفسه...

وَكَانَ الْأَحْسَن بالناظر فِي الحَدِيث: أَن يَكْتَفِي بالتفسير النَّبَوِيّ لتِلْك الْفرْقَة.

فقد كَفاهُ صلى الله عليه وسلم، معلم الشَّرَائِع، الْهَادِي إِلَى كل خير، صلى الله عليه وسلم، الْمُؤْنَة، وَعين لَهُ الْفرْقَة النَّاجِية، بِأَنَّهَا: من كَانَ على مَا هُوَ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه.

وَقد عَرف بِحَمْد الله، من لَهُ أدنى هِمة فِي الدّين، مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه، وَنقل إِلَيْنَا أَقْوَالهم وأفعالهم، حَتَّى أكلهم وشربهم ونومهم ويقظتهم؛ حَتَّى كأنا رأيناهم رَأْيَ عين.

وَبعد ذَلِك؛ فَمن رزقه الله إنصافا من نَفسه، وَجعله من أولي الْأَلْبَاب:

لَا يخفاه حَالُ نَفسه أَوَّلا؛ هَل هُوَ مُتبع لما كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه، أَو غير مُتبع.

ثمَّ لَا يخفاه حَالُ غَيره من كل طَائِفَة؛ هَل هِيَ متبعة أَو مبتدعة؟

وَمن ادّعى أَنه مُتبع للسّنة النَّبَوِيَّة متقيد بهَا: يصدق دَعْوَاهُ، أَقْوَالُه وأفعالُه، أَو تكذبها.

فَإِن مَا كَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم: قد ظهر بِحَمْد الله، لكل إِنْسَان؛ فَلَا يُمكن التباسُ المبتدع بالمتبع". انتهى، من "افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة"  للأمير الصنعاني (77-80).

وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (90112).

ولمعرفة بعض الكتب المهمة في عقيدة السلف الصالح تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (59911)، ورقم: (359576).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android