أولا:
الموظف أجير خاص، وهو من يؤجر نفسه مدة معلومة، والمستأجر يستحق نفعه في مدة الإجارة.
قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف (6/ 66): " الأجير الخاص: هو الذي يؤجر نفسه مدة معلومة، يستحق المستأجر نفعها في جميعها" انتهى.
ويستثنى من ذلك فعل الصلوات الخمس بسننها المؤكدة.
قال في كشاف القناع (4/ 32): "والأجير قسمان: خاص ومشترك: (فالخاص من قُدِّر نفعُه بالزمن)، بأن استؤجر لخدمة أو عمل في بناء أو خياطة يومًا، أو أسبوعا، ونحوه (كما تقدم) في الباب (يستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدر نفعه بها)، لا يشركه فيها أحد.
فإن لم يستحق نفعه في جميع الزمن: فمشترك كما يأتي.
(سوى) زمن (فعل الصلوات الخمس في أوقاتها، بسننها)، أي المؤكَّدات. قاله في المستوعب ...
(ويستحق) الأجير الخاص (الأجرة بتسليم نفسه، عمِل أو لم يعمل)؛ لأنه بذل ما عليه، كما لو بذل البائع العين المبيعة" انتهى.
ثانيا:
يتبين مما سبق أن الواجب عليك: الحضور والانتباه، ولا يحل لك النوم في وقت المناوبة، ولو لم يُشترط عليك ذلك، فكيف مع الشرط؟! وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594) والترمذي (1352)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
واعلم أن خيانة الأمانة من المحرمات، ومن صفات المنافقين.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء/85
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: " يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، من حقوق الله، عز وجل، على عباده، من الصلوات والزكوات، والكفارات والنذور والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض، كالودائع وغير ذلك مما يَأتمنون به بعضهم على بعض، من غير اطلاع بينةٍ على ذلك.
فأمر الله، عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا، أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء ) " انتهى .
فاتق الله تعالى، وأد الواجب المتفق عليه.
ثالثا:
لا شك أن في اشتراط المدة المذكورة على الموظفة إشقاقا ظاهرا، وإجحافه بما هو ضروري له، لحق نفسه، ولإعانته على أداء الأمانة.
ولا يتصور مثل هذا الشرط في المناوبة مدة 24 ساعة، إلا إذا كان يوما طارئا، لظرف خاص. مع ما في ذلك من الصعوبة البالغة.
وأما أن يكون ذلك شرطا لازما، وصفة دائمة لمناوبته: فهذا متعذر عادة.
والذي نراه لك: أنه إذا لم يمكن التفاهم مع جهة العمل على تقسيم المناوبات بين الموظفين، بحيث يكون عند كل موظف وقت فراغ لراحته، وما لا غنى عنه من حاجته؛ فالذي نراه لك أن تترك هذا العمل، وتبحث لك عن عمل آخر، يمكنك أن توفي بما يلزمك فيه.
والله أعلم.