273

ما مقدار الربح المسموح به في الشريعة؟

السؤال: 580941

انا اعمل في شركة تم عرض من الاداره شراء سلعه فكل شخص من زملائي اتي بعرض سعر فاتيت انا بعرض سعر اقل منهم جميعا وانا ليا ربح فيها السلعه ٣٥ وانا اعطيها لهم بي٥٠ بحسب الوصلات والربح فقبلو بيها فعرضو سلعة اخري حد يشتريها ليهم فإن اعتطهم ٥٠ والسلعه ب١٥ وايضا زملائي اعطو سعر اعلي من سعري هلي هكذا حرام ام حلال معا العلم انا لست من المشتريات ولا عملي يختص بشراء حوائجهم

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

لا حرج أن تبيع على الشركة ما قيمته 35 ب 50، أو ما قيمته 15 ب 50؛ إذ ليس في الشريعة حد معين للربح، فيجوز أن يربح التاجر 50% و 100% وأكثر من ذلك، بشرط ألا يحتكر السلعة، أو يغر المشتري، أو يستغل عدم معرفته بالأسعار.

والمدار على رضا الطرفين؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ... النساء/ 29.

وروى ابن ماجه (2185) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ وصححه الألباني.

ويدل على أنه لا حد للربح: ما روى الترمذي (1258) وأبو داود (3384) وابن ماجه (2402) عَنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ، قَالَ: " دَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ شَاتَيْنِ، فَبِعْتُ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجِئْتُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ، فَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كُنَاسَةِ الكُوفَةِ، فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ العَظِيمَ، فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الكُوفَةِ مَالًا" وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

فقد اشترى شاة بنصف دينار تقريبا، وباعها بدينار، وهذا ربح نسبته 100%، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على فعله ودعا له.

وروى البخاري (3129) أن الزبير بن العوام رضي الله عنه اشترى أرض الغابة ب 170 ألفا، فباعها ابنه عبد الله بعد وفاته بمليون وستمائة ألف. أي باعها بأكثر من تسعة أضعافها.

قال: "وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ".

وهذا يدل على أنه لا حد للربح.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 88): " إنه متسبب في البيع والشراء، وإنه يبيع السلعة مؤجلا بربح قد يصل إلى الثلث أو الربع، وقد يبيع السلعة على شخص بثمن أقل أو أكثر من بيعها على الآخر. ويسأل هل يجوز ذلك؟

الجواب: قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) الآية.

وعليه: فإذا كان السائل يبيع ما يبيعه بعد تملكه إياه، تملكا تاما، وحيازته: فلا حرج عليه في بيعه بما يحصل التراضي والاتفاق عليه، سواء ربح الربع أو الثلث، كما أنه لا حرج عليه في تفاوت سعر بيعه بضائعَه، بشرط أن لا يكذب على المشتري بأنه باعه مثل ما باع على فلان، والحال أن بيعه عليه يختلف عنه، وأن لا يكون فيه غرر، ولا مخالفة لما عليه سعر السوق.

إلا أنه ينبغي له التخلق بالسماحة والقناعة، وأن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، ففي ذلك خير وبركة، ولا يتمادى في الطمع والجشع، فإن ذلك يصدر غالبا عن قساوة القلوب، ولؤم الطباع، وشراسة الأخلاق.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " هل هناك حدٌ شرعي يحدد الأرباح التجارية فيضعها في الثلث أو غيره فإنني سمعت أن من الناس من يحددها بالثلث ويستدل على ذلك بأن عملية البيع تكون مبنية على التراضي، واختاروا الثلث ليرضي الجميع نرجو التوضيح والتفصيل مأجورين؟

فأجاب: الربح الذي يكتسبه البائع ليس محدداً شرعاً، لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في إجماع أهل العلم، ولا علمنا أن أحداً حدده.

غاية ما في ذلك أن بعضاً من أهل العلم لما ذكروا خيار الغَبْن قالوا: إن مثله أن يغبن بعشرين في المائة أي بالخمس، ولكن مع هذا ففي النفس منه شيء فإن التحديد بالخمس ليس عليه دليلٌ أيضا.

فعلى كل حال، فإننا نقول: إنه لا حد للربح؛ لعموم قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وعموم قوله تعالى (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) فمتى رضي المشتري بالثمن واشترى به فهو جائز ولو كان ربح البائع فيه كثيراً، اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار غريراً بالقِيَم والأثمان، فلا يجوز للبائع أن يخدعه ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق، كما يفعله بعض الناس الذين لا يخافون الله ولا يرحمون الخلق، إذا اشترى منهم الصغير والمرأة والجاهل بالأسعار باعوا عليه بأثمان باهظة، وإذا اشترى منهم من يعرف الأسعار، وهو عالمٌ يعرف كيف يشتري؛ باعوا عليه بثمن أقل بكثير.

إذن نقول في الجواب: إن الربح غير محدد شرعاً، فيجوز للبائع أن يربح ما شاء؛ لعموم الآيتين الكريمتين (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) و (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).

ولأن الزيادة والنقص خاضعان للعرض والطلب، فقد يكون الطلب شديداً على هذه السلعة فترتفع قيمتها، وقد يكون ضعيفاً فتنخفض، ومن المعلوم أنه قد يشتري الإنسان الشيء بمائة ثم تزيد الأسعار فجأة، فيبيعها في اليوم الثاني، أو بعد مدةٍ طويلة بمائتين أو بثلاثمائة أو أكثر.

نعم؛ من احتكر شيئاً معيناً من المال وصار لا يبيعه إلا بما يشتهي، فإن لولي الأمر أن يتدخل في أمره، وأن يجبره على بيعه بما لا يضره ولا يضر الناس، سواءٌ كان هذا المحتكر واحداً من الناس، أو جماعةً لا يتعامل بهذا الشيء إلا هم، فيحتكرونه، فإن الواجب على ولي الأمر في مثل هذه الحال أن يجبرهم على البيع بربحٍ لا يضرهم ولا يضر غيرهم.

أما إذا كنت المسألة مطلقة، والشيء موجودٌ في كل مكان لا يحتكره أحد، فإنه لا بأس أن يأخذ ما شاء من الربح إلا إذا كان يربح على إنسانٍ جاهل غرير، لا يعرف؛ فهذا حرامٌ عليه أن يربح عليه أكثر مما يربح الناس في هذه السلعة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2).

ثانيا:

إذا كان للسلعة سعر معروف في السوق، فلا يجوز أن يغبن المشتري الجاهل بالسعر، فإن أراد أن يزيد على السوق، فليبين أنها في السوق بكذا لكنه لا يبيعها إلا بكذا، فينتفي حينئذ الغبن.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله بعد أن قرر أنه ليس للربح حد معين: "ليس له أن يخدع الناس، إذا كان يعرف أن السعر في السوق هذا الشيء بريال، ليس له أن يبيع بريال ونص، بل يبين للناس أن السعر كذا وكذا، ولكن أنا ما أبيعك إلا بكذا، ترى تشتري مني، وإلا روح اشتر من المحلات الأخرى، أما أنه يخدع الناس، السعر في السوق بريال، وهو يبيع بريالين، يخدع الجاهل؛ ما يجوز له، بل يدله على الخير؛ لأن المؤمن أخو المؤمن يرشده، يقول: هذا الشيء يباع في السوق بكذا وكذا، وأنا أرشدك إلى المحلات الفلانية، أما أنا إذا كان ما يستطيع يبيع بها السعر، يقول: أنا ما أبيع بها السعر، أبيع بكذا وكذا، ترى تشتري مني بهذا الشيء لأنه علي غالي، وأنه دخل علي غالي، يبين الأسباب التي تدعوه إلى ذلك.

المقصود: أن عليه عدم خيانة أخيه وعدم خداعه، فإذا كانت الأسعار في السوق رخيصة ومعروفة، كالسلعة المعينة، أو فيها الطعام المعين، أو في الأواني المعينة معروفة، فليس له أن يخدع أخاه بأن يبيع عليه بأكثر، "المسلم أخو المسلم"" انتهى من فتاوى نور على الدرب (19/ 53).

وإذا لم تكن السلعة لها سعر في السوق، فلا حرج أن يضع ما شاء من الثمن، وكذا لو كان المشتري على دراية بالسعر، أو طلب عرض أسعار من أشخاص، أو اشترى في مزاد، فلا حرج في ربح البائع مهما بلغ.

والحاصل: أنه لا حرج عليك في بيعك على الشركة بما ذكرت.

وينظر جواب السؤال (143067)، (47889)، (518441)، (38697)

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android