أولا:
يشترط في مبادلة العملات النقدية بعضها ببعض كالجنيه بالدولار: حصول التقابض في المجلس؛ لما روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).
والعملات النقدية لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
فإذا حول على حسابك جنيهات، وحولت أنت إلى حسابه، في نفس المجلس دولارات، فقد حصل التقابض.
ثانيا:
يجوز أن يصارفك صاحبك ويوكلك في القبض من نفسك، عند بعض أهل العلم، وهو مذهب الحنابلة، -بل أجازوا التوكيل في الصرف والقبض معا-.
فيحول لك الجنيهات، وتقبض له من نفسك الدولارات في نفس المجلس، وتجعلها في صندوق ونحوه.
قال في مطالب أولي النهى (3/ 151): " كما لو وُكل في قبض من نفسه، وصرفه منها، وذلك جائز، فيتولى طرفي العقد" انتهى.
وقال في كشاف القناع (3/ 267): "(ولو كان عليه دنانير، أو) كان عليه (دراهم، فوكل غريمه في بيع داره) أو نحوها، (و) في (استيفاء دينه من ثمنها، فباعها بغير جنس ما عليه)، أي على رب الدار: (لم يجز) للوكيل (أن يأخذ) منها، أي من ثمن الدار، (قدرَ حقه منها، لأنه)، أي المدين، (لم يأذن له)، أي للوكيل، (في مصارفة نفسه).
فإن أذن له في ذلك: جاز، فيتولى طرفي عقد المصارفة" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإذا قبضتها له من نفسك، واحتفظت بها: كانت أمانة عندك، لا تضمنها إلا بالتعدي أو التفريط.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/ 41): " ولو صارفه عشرة دراهم بدينار، فأعطاه أكثر من دينار ليزن له حقه في وقت آخر : جاز، وإن طال، ويكون الزائد أمانة في يده، لا شيء عليه في تلفه" انتهى.
والحاصل:
جواز أن يوكلك صاحبك في القبض له من نفسك، فتقبض، وتعزل دولارات صاحبك عن مالك، كأن تجعله في صندوق ونحوه.
والله أعلم