180

ما حكم عملية تجميل الشفرين؟

السؤال: 569133

أنا فتاة مقبلة على الزواج، ولاحظت في السنوات الأخيرة بروزا في الأشفار الداخلية، وهذه المشكلة سببت لي حرجا، فما حكم إجراء العمليات التجميلية لهذه المنطقة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

من الجهاز التناسلي للمرأة: "-الشفران الكبيران: وهما انثناءان جلديان طويلان يغطيان المنطقة التناسلية .

- الشفران الصغيران: وهما انثناءان جلديان رقيقان، داخل الشفرين الكبرين، يغطيان فتحة الفرج وفتحة التبول، ويلتقيان في الأعلى ليكوّنا البظر" انتهى من "الجراحة التجميلية"، للدكتور صالح بن محمد الفوزان، ص584

ثانيا:

عملية تجميل الشفرتين: يمكن تعريفها "بأنها إجراء جراحي، يهدف إلى تصغير حجم الشفرتين الصغيرتين، وهي الأنسجة الداخلية للأعضاء التناسلية الأنثوية، بحيث تتوافق مع شكل الشفرتين الكبيرتين، وهي الجزء الخارجي من الأعضاء التناسلية الأنثوية.

هناك العديد من التقنيات الجراحية المختلفة، يتم إجراؤها تحت تأثير التخدير الموضعي أو الكلي، بالاعتماد على حالة المريض. في معظم الأحيان يتم استئصال الجزء الزائد من الشفرتين الصغيرتين، وخياطته، بحيث يكون متماثلًا مع الشفرتين الكبيرتين" انتهى من موقع الطبي.

ثالثا:

الأصل في عمليات التجميل: أن ما كان لإزالة عيب أو ضرر: جاز. وما كان لمجرد طلب الحسن والجمال: فلا يجوز.

وبروز الشفرين الداخلين، إن كان يصحبهما ألم، أو سبّبا التهابات، أو كان ذلك عائقا عن الجماع، أو كمال قضاء الزوج وطره: فهذا عيب، يبيح إجراء عملية لتصغيرهما، وردهما إلى الشكل المعهود.

والأصل في ذلك: حديث عرفجة بن أسعد، أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية ( يوم وقعت فيه حرب في الجاهلية ) فاتّخذ أنْفا من وَرِق ( أي فِضة )، فأنْتَن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتّخذ أنفا من ذهب" . رواه النسائي (5161)، وحسَّنه الشيخ الألباني.

 قال النووي رحمه لله في "شرح مسلم" (14/ 107): وَأَمَّا قَوْله: (الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ.

وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن، أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ، أَوْ عَيْب فِي السِّنّ، وَنَحْوه فَلا بَأْس ، وَاللَّه أَعْلَم" انتهى.

وإن لم يوجد ألم، ولا إعاقة للجماع، ولا التهابات بسبب هذا البروز، فلا يجوز إجراء عملية فيهما؛ لعدم الضرورة والحاجة، بل غاية ما فيه تغيير خلق الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو محرم ، ولا يجوز فعله ، وهو اتباع لأمر الشيطان ، وقد قال الله تعالى: ( إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) النساء/117-119 . فالشيطان هو الذي يأمر العباد بتغير خلق الله .

وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. وقال: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) رواه البخاري (4886)، ومسلم (3966).

مع ما تحتاج إليه هذه العملية من الاطلاع على العورة المغلظة، ومسها، ولا يخفى قبح ذلك. بل حتى لو أجرتها طبيبة، فإن الأصل تحريم نظر المرأة إلى عورة المرأة، دع أن تمسها.

وقد بحث الدكتور صالح بن محمد الفوزان مسألة تصغير "الشفرين الكبيرين" في رسالته: الجراحة التجميلية، والكلام فيهما يستفاد منه حكم معالجة الشفرين الداخليين، قال:

"تصغير الشفرين الكبيرين‎:

قد يكون هناك تشوّه في الشفرين الكبيرين، فيبدوان أكبر من المعتاد، أو يكون أحدهما أكبر من الآخر بصورة ملحوظة.

ويعود ذلك لعدّة أسباب، كتكرار الولادة، علماً بأن هذه التشوّهات قد تظهر على الفتيات قبل الزواج.

ويتم تصحيح هذا التشوّه بقص أو تصغير الشفرين المشوّهين، وفي كثير من الأحيان لا يكون لهذه الجراحة علاقة بالوظيفة الجنسية، وإنما تجرى لتحسين مظهر الأعضاء الجنسية.

وقد تُجرى الجراحة أحياناً بسبب الألم الذي تحس به المرأة عند الجماع، لكبر الشفرين بشكل غير معتاد، مما يؤدي إلى صعوبة الإيلاج، وحينئذ فإن الجراحة تجرى لتحسين قيام الزوجين بالوظيفة الجنسية.

الحكم الفقهي لهذه الاجراءات :

من خلال العرض الطبي يمكن تقسيم هذه الجراحات إلى ثلاث حالات، حسب دواعي إجرائها :

الحالة الأولى: أن تجرى الجراحة لإزالة ضرر بالمرأة، يصيبها بالألم، كالندبات والثآليل المؤلمة...

وفي هذه الحالة: يجوز إجراء الجراحة.

وقد يجب، إذا ترتب على عدم إجرائها الوفاة، وذلك لما يلي :

أ/ أن المقصود من هذه الجراحة استنقاذ الحياة في بعض الأحيان، ولا شك أن حفظ النفس من أعظم الضروريات التي جاء الشرع بها.

ب/ أن هذه الجراحة يراد منها إزالة الضرر الذي يلحق المرأة ويسبّب لها الألم، فتكون جائزةً كسائر أنواع التداوي وقياساً على الجراحة الطبية المشروعة كما تقدم.

الحالة الثانية: أن تُجرى الجراحة لعلاج ما يؤثّر على القيام بالوظيفة الجنسية، كالأعراض التي تسبّب الألم عند الجماع؛ كالشفرين الكبيرين، والتهابات منطقة العجان، ونحوها.

ويظهر لي جواز إجراء هذه الجراحات، وذلك لأن الجماع وتحصين الفرج من أعظم مقاصد النكاح؛ وحق الرجل فيه متأكّد، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرَّجُل امرأتهُ إلى فِراشِه فَلَمْ تَأتِه فباتَ عَضْبانَ عَلَيْها لَعَنَتها الملائكّة حتى تُصبح).

والأعراض التي تسبب الألم مما يخل بقيام المرأة بالوظيفة الجنسية، وقد تتحاشى تحقيق رغبة الرجل بالاستمتاع، بسبب ما تحس به من آلام، فتهجر فراشه إذا دعاها مع حيائها من ذكر السبب، فيغضب عليها زوجها.

فالمرأة بين أن تمتثل لزوجها فتتضرر بسبب الألم، أو تعصيه، فيغضب عليها ظناً منه بأنها امتنعت دون عذر، وفى هذه الجراحة تخليص لها من الآلام ودرء لهذه المفاسد.

الحالة الثالثة: أن تُجرى الجراحة لمجرد تحسين مظهر الأعضاء الجنسية، وإزالة ما فيها من تشوّهات لا تسبّب ألما، ولا تؤثّر على الوظيفة الجنسية، كتصغير الشفرين الكبيرين في أكثر الحالات، ونحو ذلك من الجراحات.

ويظهر لي حرمة هذه الجراحات لما يلي :

أ-أن هذه الإجراءات لا تتم إلا بكشف العورة المغلّظة، التي لا يجوز أن يطلع عليها إلا الزوج (أو السيّد)، وليس لكشفها في هذه الحالة حاجة أو ضرورة؛ لأن هذه الإجراءات تهدف إلى مجرد تحسين المظهر، ولا علاقة لها بوظيفة هذه الأعضاء. وقد تقدّم تحريم الاطلاع على العورات، خاصة المغلّظة، إذا لم يكن لذلك مسوّغ شرعي، ولا مسوّغ في هذه الحالة.

ب - أن العناية بمظهر هذه الأعضاء: إنما يشيع في المجتمعات التي لا تبالي بالنظر إلى العورات المغلّظة، حيث يكون إبراز هذه الأعضاء أمراً غير مستنكر في بعض الأحيان، وقد يكون للمرأة أكثر من عشيق، ينظرون منها ما ينظره الزوج إلى زوجته؛ ولذا يهم المرأة مظهر هذه الأعضاء.

أما المجتمع المسلم: فينبغي أن يصان أفراده، خاصة من النساء، عن التعرّي وإبداء المفاتن والعورات، وحينئذ فمظهر هذه الأعضاء ليس مهما بقدر وظيفتها. وإذا لم يكن لهذه الإجراءات أثر في الوظيفة، فإنها تكون محرمة؛ لأن الأصل حرمة الجراحة ما لم يكن لها مسوّغ شرعي.

ج - أن هذه الجراحات لا تخلو من بعض المضاعفات، وقد ينشأ عنها تلوّث أو نزيف منطقة الجرح، وانتقال الأمراض، خاصة إذا لم تجر تحت إشراف طبي، وليس في ذلك تحصيل مصلحة معتبرة شرعا؛ لذا يحرم إجراؤها لما فيها من المفاسد ولخلوّها من المصالح المشروعة" انتهى من "الجراحة التجميلية"، ص617-620 مختصرا.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android