أولا:
من بنى فوق أرض غيره بإذنه، ملكَ البناءَ قائمًا، دون حصة من الأرض.
وإذا أراد الورثة بيع البيت قُوّم البناء الذي بناه الإخوة، وأخذوا هذه القيمة.
فلو كان البيت بأرضه بمليون مثلا، وقوم البناء الذي بناه الإخوة -بلا حصة من الأرض- ب 500 ألف، أخذوا هذا القدر، وقسم الباقي على جميع الورثة.
قال شُريح : "من بنى في أرض قوم بإذنهم: فله قيمة بنائه" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/494) ، والبيهقي في "السنن الكبرى (6/91) "
وينظر: جواب السؤال رقم: (131901).
ثانيا:
يلزم الأب العدل بين أولاده في الهبة، فإذا سمح لأحدهم بالبناء فوق بيته، وجب أن يسمح للجميع بذلك.
1-فإن بنى بعضهم وعجز البقية عن البناء، فلا حرج عليه في ذلك؛ لأنه سمح للجميع للبناء.
2-وإن كانت رخصة البناء لا تتسع الجميع، وكان بعضهم عاجزا عن البناء، وبنى القادرون، فلا شيء عليه أيضا؛ لأنه لا منافسة من العاجز حتى يسعى لتمكينه من البناء.
3-وإن كانوا جميعا قادرين على البناء، والرخصة لا تتسع لذلك، وجب العدل، إما بتمكين البقية من البناء على أرض أخرى، أو بجعل الجميع يشتركون في البناء، وتكون الشقة لشخصين مثلا، ثم يبيع أحدهم نصيبه لأخيه، أو أن يطلب من البانين تعويض من لم يَبنِ حتى يقع التراضي، أو أن يمنع الجميع من البناء.
4-بقي ما إذا كان فيهم صغار، وقت سماح الأب للكبار بالبناء، مع عدم اتساع الرخصة للجميع، فالذي يظهر أنه لابد من تعويض هؤلاء، إما بمال من الأب، أو من البانين، أو أن يمكنوا من البناء على أرض أخرى للوالد، حتى يتحقق العدل.
والأصل في وجوب العدل: ما روى البخاري (2586)، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: " أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ لَا قَالَ: فَارْجِعْهُ ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما".
ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ".
وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).
والله أعلم.