في أبواب الأذكار الشرعية، قد توجد أذكار أصلها ثابت، لكنها قد تلحق بها زيادات غير ثابتة، أو في ثبوتها مقال، ومن هذه الأذكار، ذكر التهليل هذا.
فقد ثبت استحباب التهليل عشر مرات في اليوم، أو في الصباح، كما في حديث أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ رواه البخاري(6404)، ومسلم (2693)، واللفظ له.
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (38 / 501 - 502)، وابن حبان (5/369)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ بِهِنَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَتَاقَةِ أَرْبَعِ رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ دُبُرَ صَلَاتِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ.
وأما الزيادة التي فيها شرط قول هذا التهليل عقب صلاة الفجر، من غير كلام فاصل، فهذا الشرط ورد بإسناد فيه ضعف.
فقد رواه الترمذي (3474)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (127)، وغيرهما: عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانِيَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِاللهِ.
وقال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ".
لكن مدار هذا الإسناد على شهر بن حوشب، وهو متكلّم فيه، وهو وإن كان من أهل الصدق، إلا أنه في الضبط إلى الضعف أقرب، ولا يحتج بما يتفرّد به.
قال النسائي في "عمل اليوم والليلة" عقب ذكره لحديثه رقم (126):
" وشهر بن حوشب ضعيف سُئِل ابن عون عن حديث شهر فقال: إِن شهرا نَزَكُوه.
وكان شعبة سيء الرّأي فيه، وتركه يحيى القطّان " انتهى.
ولخص حاله الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، بقوله: " شهر ابن حوشب الأشعري الشامي مولى أسماء بنت يزيد ابن السكن: صدوق كثير الإرسال والأوهام " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص269).
ثم إنه قد اضطرب في إسناده وفي متنه، ففي بعض رواياته رواه مرسلا، وليس فيه لفظ: ( قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ )، كما عند الإمام أحمد في "المسند" (29 / 512).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى عن هذا الحديث: " … خّرجه الترمذي بهذا اللفظ، وقال: حسن غريب صحيح، وخّرجه النسائي في "اليوم والليلة" بنحوه.
وخّرجه أيضا من وجه آخر من حديث شهر، عن عبد الرحمن، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، ولم يذكر: ( وَهُوَ ثَان رِجْلَهُ)، إنما قال: ( قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ )، وذكر في صلاة العصر مثل ذلك.
وخرّجه الإمام أحمد من حديث شهر، وعن ابن غنم، مرسلا، وعنده: ( مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ ) وذكر الحديث.
وشهر بن حوشب، مختلف فيه، وهو كثير الاضطراب، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث كما ترى.
وقيل: عنه، عن ابن غنم عن أبي هريرة.
وقيل: عن شهر، عن أبي أمامة.
قال الدارقطني: الاضطراب فيه من قِبَل شهر " انتهى. " "فتح الباري" (7 / 427 - 428).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" … ووقع في حديث أبي ذرّ تقييده بأنّ ذلك في دبر صلاة الفجر، قبل أن يتكلّم، لكن قال: عشر مرّات، وفي سندهما شهر بن حوشب، وقد اخْتُلِف عليه، وفيه مقال " انتهى. "فتح الباري" (11 / 201).
الخلاصة:
يستحب هذا التهليل عشر مرات، وللمسلم أن يقوله بعد صلاة الصبح بزمن، ولا يلزم لإدراك فضله أن يقوله عقب صلاة الصبح مباشرة قبل الكلام، فهذا الشرط لم يثبت بإسناد صحيح.
والله أعلم.