هذا الخبر رواه:
ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 457)، والطبري في "التفسير" (23 / 51): عن ابْن إِدْرِيسَ.
وإسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية" (15 / 359)، وابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" (7 / 304): عن جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ.
ورواه إسحاق بن راهويه أيضا كما في "المطالب العالية" (15/359): عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ.
ورواه الواحدي في "أسباب النزول" (ص437): عن أَسْبَاط بْن مُحَمَّدٍ.
أربعتهم: ( ابْن إِدْرِيسَ، و جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، و الْمُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ، وأَسْبَاط بْن مُحَمَّدٍ) يروونه عن: عَنْ مُطَرِّف بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي عِدَدِ النِّسَاءِ، قَالُوا: قَدْ بَقِيَ عِدَدٌ مِنْ عِدَدِ النِّسَاءِ لَمْ يُذْكَرْنَ: الصِّغَارِ، وَالْكِبَارِ اللَّائِي قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُنَّ الْحَيْضُ، وذوات الحمل، فأنزل الله تعالى الآية التي في سورة النساء الصغرى: ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ).
ومن طريق إسحاق رواه الحاكم في "المستدرك" (2/ 492)، وقال: " صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه " انتهى.
وتعقّبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، بقوله:
" قلت: لكنّه منقطع " انتهى. "إتحاف المهرة" (1 / 254 — 255).
ووجه انقطاعه، هو أن عمرو بن سالم لم يسمع من أبي بن كعب ولم يدركه، كما نص على هذا أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
" سألت أبي: عن حديث رواه جَرِير، عَنْ مُطَرِّف، عَنْ عُمَر بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب؛ قَالَ: ( قلتُ: لرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لمَّا نزلَت الآياتُ فِي البقرةِ فِي عِدَد النِّسَاءِ )
قال أبي: إنما هو عمرو بن سالم ... ولم يدرك أبيا، إنما يحدث عن القاسم بن محمد" انتهى. "المراسيل" (ص 144 — 145).
لكن قد صحّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن سورة الطلاق نزلت بعد سورة البقرة.
روى البخاري (4532)، (4910): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبي عَطِيَّةَ مَالِك بْن عَامِرٍ قالَ: " كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، فقالَ: لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى: ( وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
ورواه أبو داود (2307)، وابن ماجه (2030): عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ؛ لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، بَعْدَ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُرِ وَعَشْرًا".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
"قوله: ( سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى )؛ أي سورة الطلاق بعد سورة البقرة " انتهى. "فتح الباري" (8 / 655).
الخلاصة:
خبر أبي بن كعب لم يصح سنده لانقطاعه.
لكن كون آية سورة الطلاق نزلت بعد سورة البقرة، قد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه.
والله أعلم