1,172

ما هو وقت جلوس الملائكة لاستماع الخطبة وطي سجل الحاضرين يوم الجمعة؟

السؤال: 554822

في مدينتي، يصل الإمام أولاً إلى المنبر، ويبدأ بتمجيد الله تعالى والصلاة على النبي، ثم يبدأ بالكلام التطوعي، يعني كلمة لا تعتبر هي الخطبة، هي موعظة بلغة القوم، بعد ذلك يُؤذِّن المؤذن، ويبدأ الخطبة بالعربية، في هذا السياق، متى يُغلِق المَلَكُ كتاب السِّجِل؟ هل في الحالة الأولى أم بعد أن يؤذِّن المؤذِّن؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ينبغي للمؤمن أن يحرص ما استطاع على التبكير إلى صلاة الجمعة فقد ورد في ذلك الأجر العظيم المترتب على التبكير إليها. انظر: (13692).

أما ما يخص إغلاق الملائكة الكرام للصحف التي يسجلون فيها أسماء القادمين إلى صلاة الجمعة، فقد جاء بيانه في الحديث الذي رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كان يوم الجمعة، كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة، يكتبون الأول فالأول، فإذا ‌جلس ‌الإمام ‌طووا ‌الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر رواه البخاري (3039).

ورواه مسلم (850) بلفظ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. فَإِذَا ‌جَلَسَ ‌الْإِمَامُ ‌طَوَوْا ‌الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر. ومثل المهجر الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدجاجة. ثم كالذي يهدي البيضة.

فطي الملائكة الصحف التي يسجلون فيها القادمين لصلاة الجمعة، يكون عند جلوس الخطيب استعدادا للخطبة، وهو الجلوس الذي يعقبه الأذان الثاني للجمعة: فإذا جلس الإمام، طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر ومعلوم أنّه يُسن جلوس الخطيب على المنبر عند النداء الثاني للجمعة ، فإذا انتهى النداء ، قام للخطبة .

قال ابن الملقن رحمه الله:

"وقوله: (إذا ‌جلس ‌الإمام ‌على ‌المنبر). هذا سنة، ‌وعليه ‌عامة ‌العلماء" انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (7/ 517).

وقد بينت آية الجمعة المراد بذلك.

قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ ‌الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الجمعة/9.

قال المفسرون: المراد بالنداء للصلاة: النداء الثاني، وبالذكر: الخطبة.

قال الطبري رحمه الله:

«إذا ‌نودي ‌للصلاة ‌من ‌يوم ‌الجمعة [الجمعة: 9] وذلك هو النداء، ينادى بالدعاء إلى صلاة الجمعة عند قعود الإمام على المنبر للخطبة...، وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين، فإنه موعظة الإمام في خطبته" "تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر" (22/ 637، 642).

وروى البخاري عن السائب بن يزيد قال: "كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر" رواه البخاري (870).

قال ابن رجب رحمه الله:

"الأذان الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر هو النداء الذي بين يدي الإمام عند جلوسه على المنبر، وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء" انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (8/ 215).

ومما سبق يتبين أنّ الكلمة التي يلقيها الإمام قبل الخطبة ليست من الخطبة، وليست من الذكر المراد في الحديث، فمن حضر أثناء هذه الكلمة، فإنه يكون حاضرا قبل أن تطوي الملائكة الصحف، ويُعد حاضرا قبل بدء الخطبة.

وهذا إذا قلنا بمشروعية الاجتماع لمثل هذه الموعظة، قبل خطبة الجمعة. وإلا؛ فقد ذكر جماعة من أهل العلم أن هذه الموعظة: هي مما أحدثه الناس، ولا ينبغي أن يكون.

وفي الحديث: عن عمرِو بن شعيب، عن أبيه عن جدَّه:  "أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبَيعِ في ‌المسجد، وأن تُنشَدَ فيه ضَالَّةٌ، وأن يُنشَدَ فيه شِعرٌ، ونهى عن ‌التَّحلُّقِ قبلَ الصَلاةِ يومَ ‌الجمعة" رواه أبو داود (1079)، وأحمد (6676)، وحسنه الألباني، ومحققو المسند.

قال أبو سليمان الخطابي، رحمه الله: وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة والذكر فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك. "معالم السنن" (1/ 247).

وقال البغوي: "وفي الحديث كراهية ‌التحلق والاجتماع يوم ‌الجمعة قبل الصلاة، لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر، والصلاة، والإنصات للخطبة، ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة في ‌المسجد وغيره.". "شرح السنة للبغوي" (2/ 374).

وقال ابن رسلان: "ويفهم من قوله قبل الصلاة أن التحلق للذكر ومذاكرة العلم بعد الفراغ من الصلاة جائز" انتهى، من "شرح سنن أبي داود لابن رسلان" (5/ 544).

والحاصل: أن الاجتماع للموعظة والذكر قبل خطبة الجمعة -فضلا عن التحلق لأمر الدنيا، والقيل والقال، فهو أشد في الكراهة، وأدخل في المخالفة-: منهي عنه، مكروه؛ فلا يعلق طي صحف الملائكة بأمر محدث، غير مشروع، بل يعلق بالجلوس المشروع لخطبة الجمعة.

قال ابن الملقن رحمه الله:

"في الحديث: أن حضور هؤلاء الملائكة لازم بخروج الإِمام للخطبة، المشتملة على ذكر الله -تعالى- والوعظ والتذكير، واستماع ذلك، كما سلف، وليس لاستماعِ ما أُحدث فيها من البدع وغيرها، فإن ذلك تكتبه الحفظة على فاعله، والراضي به بلسانه. وأما الراضي به بقلبه فإن الله -تعالى- مطلع عليه دون الحفظة من الملائكة" انتهى من "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (4/ 175).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (325841).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android