يجوز الشرط الجزائي في عقد المقاولات، بأن يشترط على المقاول دفع مال إذا تأخر في تسليم البناء ، أو إنجاز الأعمال، بشرط أن تكون الغرامة مساوية للضرر الفعلي، وأن لا يكون تأخره بسبب خارج عنه.
ولا يضر حسابها بنسبة مئوية من قيمة العقد، أو بنسبة على كل قسط، ما دام مجموع الغرامة يساوي الضرر الفعلي.
فإن زاد عن الضرر، وكان أمرا مبالغا فيه يراد به التهديد، فيجب الرجوع إلى العدل، وهو أخذ ما يقابل الضرر الفعلي فقط، ويرجع في تقدير ذلك عند الاختلاف إلى أهل الخبرة.
والعدل في تقدير الضرر في حالتك: أن تعطى أجرة السكن في شقة مماثلة ، لمدة خمس سنوات.
وأما أن يضاف إلى ذلك نسبة على الدفعة المقدمة، ونسبة على كل قسط، فلا يظهر لنا وجه ذلك ، ولا مشروعيته ؛ بل هذه مبالغة ، وزيادة عن تقدير الضرر الفعلي الذي نال المشتري.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشر بشأن الشرط الجزائي:
"أولا : الشرط الجزائي في القانون هو اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه.
ثانيًّا: يؤكد المجلس قراراته السابقة بالنسبة للشرط الجزائي الواردة في قراره في السَّلَم رقم 85 ( 2 / 9 ) ، ونصه : ( لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلم فيه ؛ لأنه عبارة عن دَيْن ، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الدين عند التأخير) ، وقراره في الاستصناع رقم 65 (3/7) . ونصه : (يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة) ، وقراره في البيع بالتقسيط رقم 51 (2 / 6) ونصه : (إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم).
ثالثًا : يجوز أن يكون الشرط الجزائي مقترنًا بالعقد الأصلي ، كما يجوز أن يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر .
رابعًا : يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح .
وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلا في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أو تأخر في تنفيذه .
ولا يجوز – مثلا – في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصِنع إذا تأخر في أداء ما عليه .
خامسًا : الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية ، وما فاته من كسب مؤكد ، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي .
سادسًا : لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته ، أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد .
سابعًا : يجوز للمحكمة بناء على طلب أحد الطرفين أن تعدل في مقدار التعويض إذا وجدت مبررًا لذلك ، أو كان مبالغًا فيه " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" عدد 12 مجلد 2 ص 303
وجاء في قرار هيئة كبار العلماء في هذا الخصوص : " وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر " انتهى من "فقه النوازل" (3/75).
ومن هذا يُعلم أن الشرط الجزائي في العقود المقاولات جائز في حق المقاول، في حدود الضرر الفعلي ، ولا يجوز في حق المستصنِع أو صاحب العمل إذا تأخر في سداد المال؛ لأن ما عليه من مال دينٌ، فاشتراط الزيادة عليه يؤدي إلى ربا.
والله أعلم.