الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل ؟

السؤال

إذا كان المسلم لا يتذكر أعداد الصلوات وأيام الصيام التي فاتته ، فكيف يباشر قضاءها ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الصلوات الفائتة لا تخلو من ثلاث حالات :

الأولى : أن يكون ترك الصلاة لعذر كالنوم أو النسيان ، ففي هذه الحالة يجب قضاؤها , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) – واللفظ له - .

ويصليها مرتبة كما وجبت عليه ، الأولى فالأولى ؛ لحديث جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما صليتها ، فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس , ثم صلى بعدها المغرب . رواه البخاري ( 571 ) ومسلم ( 631 ) .

الحالة الثانية : أن يكون ترك الصلاة لعذر لا يكون معه إدراك , كالغيبوبة ، ففي هذه الحالة تسقط الصلاة عنه ، ولا يجب عليه قضاؤها .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

وقع عليّ حادث سيارة ورقدت في المستشفى ثلاثة شهور ولم أع نفسي ولم أصل كل هذه المدة ، هل تسقط عني أم أعيد كل الصلاة الماضية ؟

فأجابوا :

" تسقط عنك الصلاة في المدة المذكورة ما دمت لا تعقل في تلك المدة " انتهى .

وسئلوا – أيضاً - :

إذا أغمي على إنسان لمدة شهر ولم يصل طوال هذه الفترة ، وأفاق بعده فكيف يعيد الصلوات الفائتة ؟

فأجابوا :

" لا يقض ما تركه من الصلوات في هذه المدة ، لأنه في حكم المجنون والحال ما ذكر , والمجنون مرفوع عنه القلم " انتهى .

" فتاوى اللجنة الدائمة " (6/21) .

الحالة الثالثة : أن يكون ترك الصلاة عمداً من غير عذر ، فهذا لا يخلو من حالين :

إما أن يكون جاحداً لها غير معترف بوجوبها ، فهذا لا خلاف في كفره , وأنه ليس من الإسلام في شيء ، فعليه أن يدخل في الإسلام ثم يعمل بأركانه وواجباته , ولا يجب عليه قضاء ما ترك من الصلاة حال كفره .

والثانية : أن يكون تركه للصلاة تهاونا وكسلا فهذا لا يصح منه قضاؤها , لأنه لم يكن له عذر حين تركها ، وقد أوجبها الله عليه في زمن معلوم وبتوقيت محدود ، قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، أي : لها وقت محدد ، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

لم أصلِّ إلا بعد ما بلغت الرابعة والعشرين من عمري ، وصرت الآن أصلي مع كل فرض فرضاً آخر ، فهل يجوز لي ذلك ؟ وهل أداوم على هذا ، أم إن عليَّ حقوقاً أخرى ؟

فأجاب :

" الذي يترك الصلاة عمداً ليس عليه قضاء على الصحيح ، وإنما عليه التوبة إلى الله عز وجل ؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ، وتركها أعظم الجرائم ، بل تركها عمداً كفر أكبر في أصح قولي العلماء ؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه ؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك .

فالواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله التوبة الصادقة ، وذلك بالندم على ما مضى منك ، والإقلاع من ترك الصلاة ، والعزم الصادق على أن لا تعود إلى ذلك ، وليس عليك أن تقضي لا مع كل صلاة ولا في غير ذلك ، بل عليك التوبة فقط ، والحمد لله ، من تاب تاب الله عليه ، يقول الله سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .

فعليك أن تصدُق في التوبة ، وأن تحاسب نفسك ، وأن تجتهد بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها في الجماعة ، وأن تستغفر الله عما جرى منك ، وتكثر من العمل الصالح ، وأبشر بالخير ، يقول الله سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) ، ولما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال جل وعلا بعد ذلك : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) .

نسأل الله لنا ولك التوفيق ، وصحة التوبة ، والاستقامة على الخير " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 329 ، 330 ) .

ثانياً :

وأما قضاء الصيام ؛ فإن كان تركك للصيام في الوقت الذي كنت فيه تاركاً للصلاة , فلا يجب عليك قضاء تلك الأيام التي أفطرتها , لأن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرج من الملة – كما سبق - والكافر إذا أسلم لا يلزمه أن يقضي ما تركه من العبادات حال كفره .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب