الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

حكم لبس حذاء أو جورب يغطي الكعبين أثناء الإحرام لعذر ؟

376636

تاريخ النشر : 08-08-2022

المشاهدات : 27828

السؤال

لديّ خطط لأداء فريضة الحج في المستقبل، ولديّ أقدام مسطّحة، ولا أستطيع المشي بدون ضبانات التقويم، والضبانات توضع داخل الحذاء أو الجوارب، فكيف يمكنني القيام بالطواف على سبيل المثال، صنادل جديدة، أو أحذية جديدة مع ضبانات التقويم فقط لاستخدامها داخل المسجد، والسير في الصفا ، منى، أو الجوارب بضبانات التقويم ، إلخ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم على المحرم بحج أو عمرة أن يلبس الخفين، وما يغطي الكعبين كالجوربين وما شابه ذلك من الأحذية الرياضية ونحوها، ولا حرج في لبس الجزمة والصندل إذا كان تحت الكعبين.

والأصل في ذلك: ما روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : "قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة" (3/35) : " ومتى قطع الخف حتى صار كالحذاء، وفتق السراويل حتى صار إزارا: لم يبق يقع عليه اسم خف ولا سراويل ، ولهذا إذا قيل : امسح على الخف، ويجوز المسح على الخف، وأمرنا أن لا ننزع خفافنا؛ لم يدخل فيه المقطوع، والمداس، ولا يعرف في الكلام أن المقطوع والمداس ونحوهما: يسمى خفا .

ولهذا في حديث : ( فليلبس ، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ) ؛ فسماهما خفين قبل القطع ، وأمر بقطعهما ، كما يقال : افتق السراويل إزارا، واجعل القميص رداء، ومعلوم أنه إنما يسمى قميصا وسراويل قبل ذلك؛ فعلم أن المقطوع لا يسمى بعد قطعه خفا أصلا، إلا أن يقال: خف مقطوع ، كما يقال قميص مفتوق ، وهو بعد الفتق ليس بقميص ولا سراويل ، وكما يقال حيوان ميت وهو بعد الموت ليس بحيوان أصلا ، فإن حقيقة الحيوان الشيء الذي به حياة... والنبي صلى الله عليه وسلم أمر هنا بلبس الخف ، وما تحت الكعب لا يسمى خفا؛ فلا يجوز حمل الكلام عليه، فضلا عن تقييده به ".

وقال في (3/ 45) : " قد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص في حديث ابن عمر في لبس السراويل ولا الخف، وإنما رخص بعد عرفات ، فعلم أن قوله : ( فليلبس الخفين ويقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين )؛ بيان لما يجوز لبسه ، ويخرج به عن حد الخف الممنوع، ويصير بمنزلة النعل المباح ، وإلا لم يكن فرق بين لبسهما مقطوعين وصحيحين، وجعل ذلك لمن لم يجد النعل لما تقدم، ثم إنه رخص بعد ذلك في لبس الخف والسراويل للعادم ، فبقى المقطوع كالسراويل المفتوق ؛ يجوز لبسه بكل حال .

وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى المحرم عن الخف ، كما رخص في المسح على الخف ، والمقطوع وما أشبه من الجمجم والحذاء ونحوهما : ليس بخف ، ولا في معنى الخف ، فلا يدخل في المنع ، كما لم يدخل في المسح ، لا سيما ونهيه عن الخف إِذْنٌ فيما سواه ؛ لأنه سئل عما يلبس المحرم من الثياب فقال : لا يلبس كذا ، فحصر المحرَّم ، فما لم يذكره فهو مباح...

وأيضا فإن القدم عضو يحتاج إلى لبس ؛ فلا بد أن يباح ما تدعو إليه الحاجة ، وكثير من الناس لا يتمكن من المشي في النعل ، فلا بد أن يرخص لهم فيما يشبهه من الجمجم والمداس ونحوهما ، وهو في ذلك بخلاف اليد ؛ فإنها لا تستر بالقفاز ونحوه لعدم الحاجة " انتهى .

ثانيا:

إن احتجت إلى لبس ما يغطي الكعبين من حذاء أو جورب، لتضع "ضبانات" التقويم، فلا حرج عليك، وعليك الفدية .

والفدية هي: إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، يختار المحرم أي واحدة من هذه الثلاثة.

قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله في "أسنى المطالب" (1/507): "مَنْ لَبِسَ فِي الْإِحْرَامِ مَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ بِهِ، أَوْ سَتَرَ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ فِيهِ، لِحَاجَةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ مُدَاوَاةٍ، أَوْ نَحْوِهَا: جَازَ، وَفَدَى" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لفاعل المحظورات ثلاث حالات:

الأولى: أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر، فهذا آثم، وعليه فديته.

الثانية: أن يفعله لحاجة، فليس بآثم، وعليه فدية، فلو احتاج إلى تغطية رأسه من أجل برد أو حر يخاف منه: جاز له تغطيته، وعليه الفدية.

الثالثة: أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم، فلا إثم عليه ولا فدية" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين"(24/433).

ولا حرج في المشي بهذا الحذاء في المسعى أو في المطاف ما دام نظيفا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب