الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

تلفظ بكلمة " يلعن دين" دون أن يكمل ، والفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب العمل .

السؤال

ما حكم شخص تلفظ في لحظة غضب بكلمة " يلعن دين " دون أن يكمل ؟ وما الفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب العمل ، فلقد قرأت أن المرتد إذا تاب بقي له عمله ، مع ذهاب ثواب العمل !؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
سب الدين ردة عن الإسلام ، وكفر بالله العظيم .
انظر جواب السؤال رقم : (42505)، (148427).
ومن قال في حال الغضب : " يلعن دين " دون أن يكمل ، فليس في حكم ساب الدين ولاعنه ، فيستغفر الله ولا شيء عليه ، ويكظم غضبه بعد ذلك ، لئلا يقع في الهلكة .

ثانيا :
الفرق بين حبوط العمل وحبوط ثواب العمل : أن حبوط العمل ، أي : بطلانه ، ويلزم منه حبوط الثواب ، أما حبوط الثواب فهو ألا يكون للإنسان ثواب من عمله ، ولا يلزم من ذلك أن يكون العمل باطلا ، فقد يكون العمل صحيحا ولا ثواب عليه عقوبةً على معصية ارتكبها الإنسان . قال الخطيب الشربيني رحمه الله :
" لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ ثَوَابِ الْعَمَلِ سُقُوطُ الْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْقَضَاءِ، مَعَ كَوْنِهَا لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ " .
انتهى من "مغني المحتاج" (5/ 427)
فقد يعمل العبد عملا هو في ذاته صحيح ، ولكن لا ثواب له فيه ، ولذلك تبرأ ذمته بالعمل ، ولا يؤمر بإعادته .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" روى مسلم في صحيحه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) والمراد بهذا عند جميع أهل العلم: نفي الثواب ، لا نفي الصحة ، ولهذا لا يؤمر شارب الخمر والآبق، ومن أتى عرافا فسأله عن شيء بإعادة الصلاة " انتهى م " فتاوى اللجنة الدائمة " (5/ 144) .
فمن أتى عرافا وصلى برئت ذمته فلا يحبط عمله ، ولكن لا ثواب له أربعين ليلة، فيحبط ثواب عمله .
وروى ابن ماجة (4002) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ) .
وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .
قال المناوي رحمه الله :
" لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة ، لكنها صحيحة مغنية عن القضاء مسقطة للفرض ، فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعابا وزجرا " انتهى من " فيض القدير" (3/ 155)
وقال في" مرعاة المفاتيح "(4/ 56):
" القبول أخص من الإجزاء ، أي فلا يلزم من عدمه عدم الإجزاء ، وهو كونه سبباً لسقوط التكليف، والقبول كونه سبباً للثواب " انتهى .
وقال السفيري رحمه الله في " شرح البخاري " (2/ 254):
" القبول يطلق شرعاً ويراد به حصول الثواب ، ولا يلزم من نفيه نفي الصحة ، بل نفي الثواب مع حصول الصحة ، بدليل صحة صلاة العبد الآبق ، وصلاة شارب الخمر إذا لم يسكر ، ما دام في جسده شيء منها، والصلاة في الدار المغصوبة عند الشافعية ، فلا ثواب لواحد منهم.
ويطلق ويراد به وقوع الفعل صحيحاً، وحينئذ يلزم من نفيه نفي الصحة " انتهى .

ثالثا :
المرتد إذا تاب ، لم يحبط سابق عمله الصالح حال إسلامه . قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" من ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه لا يحبط ما سبق أن عمله أيام إسلامه من الأعمال الصالحات؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فاشترط سبحانه في إحباط الأعمال موت صاحبها على الكفر " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 201) .
أما القول بأنه يبقى عمله ، ويذهب ثوابه : فقول غير صحيح .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب