حول صحة حديث ابن عباس ، أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرج فخذي الحسين وقبل زبيبته .

27-11-2019

السؤال 310392

بينما كنت أقرأ كتابًا ، صادفت حديثًا يقول : إن النبي قد باعد ساقي الحسين وقبّل زبيبته ، فهل هذه الرواية صحيحة ؟ لقد وجدت أحاديث أخرى زعمت أن النبي مصّ أيضا ألسنتهم ، هل حقا فعل ذلك؟

ملخص الجواب:

حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين لا يصح ، وأما مصه لسان الحسن فصحيح إن شاء الله .

الجواب

الحمد لله.

أما حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين : فإنه لا يصح ، وقد روي من أربعة طرق:

الأول :

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/51) ، وابن أبي الدنيا في "العيال" (211) ، والضياء في "المختارة" (549) ، وابن عدي في "الكامل" (7/175) ، من طريق جرير ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ ".

وإسناده ضعيف ، علته قابوس بن أبي ظبيان .

ضعفه الإمام أحمد ، وابن معين ، كما في "العلل" (771) ، (4018) ، وابن سعد في "الطبقات" (6/339) ، وقال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (7/145) :" ضعيف الحديث ، لين حديثه ، ولا يحتج به ". انتهى ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/216) :" كَانَ رَدِيء الْحِفْظ ، يتفرد عَن أَبِيه بِمَا لَا أصل لَهُ ، رُبمَا رفع الْمَرَاسِيل ، وَأسْندَ الْمَوْقُوف ". انتهى

والحديث ضعفه ابن طاهر في "ذخيرة الحفاظ" (2/770) ، وقال :" ولا يتابع قابوس عليه ، مع ضعفه  ". انتهى .

وضعفه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/222) ، وقال :" وَقَابُوسٌ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ "   انتهى.

الثاني :

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (651) ، من طريق محمد بن إسحاق ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ  ، قال حَدَّثَنِى أَبِى ، قال حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى لَيْلَى ، عَنْ عِيسَى  ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى ، عَنْ أَبِى لَيْلَى قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ ، فَرَفَعَ عَنْ قَمِيصِهِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ ".

وإسناده ضعيف ، علته : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى .

قال شعبة كما في "سؤالات السلمي" (248) :" ما رأيتُ أسوأَ حِفظًا مِن ابنِ أبي ليلى ". انتهى ، وقال فيه أحمد بن حنبل كما في "العلل" (862) :" مضطرب الحديث " . انتهى ، وقال النسائي كما في "الضعفاء والمتروكون" :" ليس بالقوي في الحديث ". انتهى ، وقال ابن معين :" ليس بذاك " . وقال أبو حاتم :" محله الصدق، كان سيئ الحفظ ، شغل بالقضاء فساء حفظه ، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به ". انتهى من "الجرح والتعديل" (7/323) ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم ، وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم عَامَّة أَحَادِيثه مَقْلُوبَة ". انتهى من "المغني للضعفاء" للذهبي (2/603) . وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/244) :" كَانَ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم فَاحش الْخَطَأ يروي الشَّيْء على التَّوَهُّم وَيحدث على الحسبان، فَكثر الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته فَاسْتحقَّ التّرْك " انتهى.

والحديث ضعفه البيهقي فقال بعد روايته له :" إسناده غير قوي ". انتهى ، وضعفه ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط" (1/191) ، والنووي في "المجموع" (2/43) ، والشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (1811) .

الثالث :

أخرجه تمام في "الفوائد" (610) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (13/222) ، من طريق مُحَمَّد بْن سُفْيَانَ الْمِصِّيصِي ، قال ثنا الْيَمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، قال ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَطِيَّةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْرِجُ بَيْنَ رِجْلَيِ الْحَسَنِ وَيُقَبِّلُ ذَكَرَهُ ".

وإسناده ضعيف ، فيه علتان:

الأولى : الانقطاع ، حيث لم يسمع إبراهيم النخعي من أحد من الصحابة ، كما نصّ على ذلك علي بن المديني في "المراسيل" لابن أبي حاتم (19) .

الثانية : يمان بن سعيد ، ضعفه الدارقطني كما في "الضعفاء والمتروكين" (610).

والحديث ضعفه أيضا ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (7/197).

الرابع :

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/464) فقال :" أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيُّ ، قَالَ: أخبرنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَزْيَدِ بْنِ أَبِي الأَزْهَرِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَده ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: وحدثنا مَرَّةً أُخْرَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُفَحِجُ بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَيُقَبِّلُ زَبِيبَتَهُ وَيَقُولُ:   لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ   .

قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ قَاتِلُهُ؟ قَالَ:  رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يُبْغِضُ عِتْرَتِي لا يَنَالُهُ شَفَاعَتِي ، كَأَنِّي بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَطْبَاقِ النِّيرَانِ يَرْسَبُ تَارَةً وَيَطْفُو أُخْرَى ، وَإنَّ جَوْفَهُ لَيَقُولُ غَقْ غَقْ  .

قال الخطيب البغدادي :" وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مَوْضُوعٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا ، وَلا أُبْعِدُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ أَبِي الأَزْهَرِ وَضَعَهُ ، وَرَوَاهُ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، ثُمَّ عَرِفَ اسْتِحَالَةَ هَذِه الرِّوَايَة،ِ فَرَوَاهُ بَعْدُ وَنَقَّصَ مِنْهُ عَنْ جَدِّهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا ظَبْيَانَ قَدْ أَدْرَكَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا ، واسم أبي ظبيان حصين بن جندب ، وجندب أبوه لا يُعْرَفُ ، أكان مسلما أو كافرا، فضلا عن أن يكون روى شيئا . ولكن في الحديث الذي ذكرناه عنه فساد آخر لم يقف واضعه عليه فيغيره ، وهو استحالة رواية سعيد بن عامر عن قابوس ، وذلك أن سعيدا بصري وقابوسا كوفي ولم يجتمعا قط ، بل لم يدرك سعيد قابوسا! وكان قابوس قديما روى عنه سفيان الثوري وكبراء الكوفيين ، ومن آخر من أدركه جرير بن عبد الحميد ، وليس لسعيد بن عامر رواية إلا عن البصريين خاصة ، والله أعلم " انتهى.

والذي صح في هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بطن الحسن وهو صغير، عندما يداعبه ويمازحه .

والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (7462) ، من طريق ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ:" كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ: أَرِنِي أُقَبِّلْ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ . قَالَ: فَقَالَ: بِقَمِيصِهِ ، قَالَ: فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ ".

والحديث حسن .

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/177) :" رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سُرَّتِهِ . وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ". انتهى.

وعمير بن إسحاق : وثقه ابن معين ، كما في "الجرح والتعديل" (6/375) ، وقال النسائي ليس به بأس . انتهى من "تهذيب الكمال" (22/370) .

وأما حديث مصّ النبي صلى الله عليه وسلم لسان الحسن ، فهو حديث صحيح ، وروي من عدة طرق ، نذكر منها أشهرها :

وهو ما أخرجه أحمد في "مسنده" (16848) ، من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَمُصُّ لِسَانَهُ - أَوْ قَالَ: شَفَتَهُ ، يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَإِنَّهُ لَنْ يُعَذَّبَ لِسَانٌ أَوْ شَفَتَانِ مَصَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/177) :" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ". انتهى.

وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، وثقه الدارقطني كما في "سؤالات السلمي" (398) ، والذهبي في "الكاشف" (3284).

وفي حاشية "مسند أحمد" ط الرسالة (28/62): " إسناده صحيح"  انتهى.

فمما سبق يتبين أن حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين لا يصح ، وأما مصه لسان الحسن فصحيح إن شاء الله .

والله أعلم .

الحديث وعلومه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب