السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

صلى إلى غير القبلة مدة شهر، فهل تلزمه الإعادة؟

483121

تاريخ النشر : 26-03-2024

المشاهدات : 1401

السؤال

صليت عكس القبلة دون اجتهاد أكثر من شهر بسبب أني نقلت من شقة اعتقدت أنها نفس المكان، فهل أعيد الصلاة كلها؟ وهل أستطيع أن أصليها في وقت واحد؟

الجواب

الحمد لله.

يجب على المصلي أن يتجه إلى الجهة التي يتقين أنّ فيها القبلة، إن كان يعلم ذلك، فإن لم يعلم الجهة على سبيل اليقين، فعليه أن يجتهد حتى يصلي إلى الجهة التي يغلب على ظنه أن فيها القبلة.

فمن صلى وهو يشك في اتجاه القبلة، وهو قادر على الاجتهاد في معرفتها، فهذا مقصّر وعليه إعادة الصلاة.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأجمعوا على أنه من صلى إلى غير القبلة من غير اجتهاد حمله على ذلك، أن صلاته غير مجزئة عنه، وعليه إعادتها إلى القبلة، كما لو صلى بغير طهارة.

وفي هذا المعنى حكم من صلى في مسجد يمكنه طلب القبلة فيه بالمحراب وشبهه، فلم يفعل، وصلى إلى غيرها " انتهى من "التمهيد" (10/426).

وأما إن كان قد اجتهد فأخطأ : فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" النظر في هذا الباب، يشهد أن لا إعادة على من صلى إلى القبلة عند نفسه ، مجتهدا، لخفاء ناحيتها عليه؛ لأنه قد عمل ما أمر به، وأدى ما افترض عليه من اجتهاد بطلب الدليل على القبلة، حتى حسب أنه مستقبلها، ثم لما صلى بان له خطؤه.

وقد كان العلماء مجمعين على أنه قد فعل ما أبيح له فعله، بل ما لزمه، ثم اختلفوا في إيجاب القضاء عليه، إذا بان له أنه أخطأ القبلة، وإيجاب الإعادة إيجاب فرض، والفرائض لا تثبت إلا بيقين لا مدفع له" انتهى من "التمهيد" (10/429).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" فالصواب: أنه إذا اجتهد في الحضر فإنه تصح صلاته، فإن أصاب فالأمر ظاهر، وإن لم يصب، فإنه اجتهد وأخطأ وله أجر، وإذا اجتهد فلا إعادة عليه مطلقا؛ سواء أصاب أم لم يصب؛ لأنه فعل ما يجب عليه، ومن فعل ما وجب عليه، فقد اتقى الله ما استطاع، ومن اتقى الله ما استطاع، فليس عليه أن يصلي مرتين؛ لأن الله لم يوجب على عباده العبادة مرتين، إذا أتوا بها على الوجه الذي أمروا به...

وخلاصة المسألة:

أولا: من صلى باجتهاد، فصلاته صحيحة؛ سواء أخطأ أم أصاب، وسواء في السفر أم في الحضر، على القول الراجح.

ثانيا: إذا صلى بغير اجتهاد ولا تقليد، فإن أخطأ أعاد، وإن أصاب لم يعد على الصحيح " انتهى. "الشرح الممتع" (1/ 286 - 287).

وطرق الاجتهاد لتحديد القبلة كثيرة، وليست بمحصورة، فكل طريق يفيد العلم بجهتها، فهو اجتهاد صحيح.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأجمعوا على أن على كل ‌من ‌غاب ‌عنها، أن يستقبل ناحيتها وشطرها وتلقاءها، وعلى أن على من خفيت عليه ناحيتها، الاستدلال عليها بكل ما يمكنه من النجوم، والجبال، والرياح، وغير ذلك، مما يمكن أن يستدل به على ناحيتها " انتهى من "التمهيد" (10/426).

وأقرب طرق تحديد القبلة الآن، وأيسرها على الناس: استعمال البوصلة التي تحدد اتجاه القبلة، لا سيما وهي متاحة في عامة الهواتف الحديثة، ولم تعد تحتاج إلى آلة مخصوصة، قد لا تكون متاحة للمكلف عند الحاجة إليها.

فإذا كنت قد تهاونت في استعمال بوصلة هاتفك، مع انتباهك لها، ومعرفة بأهميتها في معرفة اتجاه القبلة.

وإذا كنت لم تلتف إليها، أو لم تنتبه إلى وجودها في هاتفك، أو لم تعرف كيف تستعلمها لتحديد اتجاه القبلة، وقد قست سكنك الجديد على سكنك القديم، واعتقدت أنهما في نفس الاتجاه، فالقياس طريق من طرق العلم، ونرجو ألا يكون عليك بأس فيما فعلت، وأن ذمتك قد برأت بذلك.

ولو رأيت أنك قد وقعت في نوع من التقصير في التحري، والتأكد من اجتهاد القبلة، ومعرفة علاماتها، أو أردت أن تحتاط لنفسك، وتبرئ ذمتك: فالاحتياط في مثل ذلك حسن.

وعلى ذلك؛ فتعيد الصلوات التي كنت قد صليتها إلى غير القبلة. ويكون قضاء الصلوات مرتبة، وعلى الفور، إن أمكنك ذلك.

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" ما هو ترتيب قضاء صلوات الفجر والظهر والعصر عندما يذكر الشخص أنه لم يصل؟

الجواب: قضاء ‌الفوائت: يجب أن يكون على الفور، وأن تكون مرتبة كما فرضها الله سبحانه، بحيث يصلي الفجر، ثم يصلي الظهر، ثم يصلي العصر.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد الله بن منيع ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (6/159).

والحاصل:

أن من صلى إلى غير القبلة: إن كان قد اجتهد اجتهادا سائغا له، وأدى ما عليه، ثم بان أنه صلى إلى غير القبلة: فصلاته التي صلاها صحيحة، ولا تلزمه إعادة الصلاة.

وإن كان قد تهاون في طلب علامات القبلة، أو قصر في اجتهاده: لزمه إعادة ما صلاه إلى غير القبلة، مرتبا، بحسب الإمكان.

وإن خاف أن يكون فرط أو تهاون في تعرف العلامات، فاحتاط لنفسه، وقضى ما صلاه إلى غير القبلة: فهو حسن.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب