الأربعاء 27 ذو الحجة 1445 - 3 يوليو 2024
العربية

شبهة حول: إعادة الموتى عن طريق عجب الذنب

475210

تاريخ النشر : 27-05-2024

المشاهدات : 656

السؤال

هل نحن فعلا متأكدون بأن عجب ذنب هو العصعص، الأن إذا كان كذلك فالحديث ـ وحاشا الرسول صلى الله عليه وسلم ـ بكل بساطة خطأ، الآن هنالك بعض الناس يولدون بدونه، نعم بدون عصعص، فكيف يخلقون منه؟ وكيف يتم إرجاعهم؟ وبغض نظر عن هذه الحالات النادرة فنحن لا نخلق من عصعص، ولا يوجد أي خلية أو نواة مرتبطة به أثناء هذه العملية، أسألكم بإذن الله تعالى الرد القريب.

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قال:  إن في الإنسان عظمًا لا تأكله الأرض أبدا، فيه يركب يوم القيامة، قالوا: أي عظم هو؟ قال: عجب الذنب  أخرجه البخاري(4814)، (4935)، ومسلم(2955)، وأبو داود(4743)، والنسائي(2077)، وابن ماجه(4266)، ومالك(642)، وأحمد(8180) وغيره.

فالحديث : صحيح، ثابت؛ لا إشكال في صحته.

ثانيًا:  

جاء في "فتح الباري" (415/8):

"وَالْعَجْبُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ عَجْمٌ بِالْمِيمِ أَيْضًا عِوَضَ الْبَاءِ. وَهُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ، وَهُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ، وَهُوَ مَكَانُ رَأْسِ الذَّنَبِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاكِمِ مَرْفُوعًا: إِنَّهُ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: لِلَّهِ فِي هَذَا سِرٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، لِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُ الْوُجُودَ مِنَ الْعَدَمِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ يَبْنِي عَلَيْهِ ...

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ( وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْإِنْسَانِ ) : يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ: يَفْنَى، أَيْ تُعْدَمُ أَجْزَاؤُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ: يَسْتَحِيلُ، فَتَزُولُ صُورَتُهُ الْمَعْهُودَةُ فَيَصِيرُ عَلَى صِفَةِ جِسْمِ التُّرَابِ، ثُمَّ يُعَادُ إِذَا رُكِّبَتْ إِلَى مَا عُهِدَ...

وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا عَامٌّ يُخَصُّ مِنْهُ الْأَنْبِيَاءُ، لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُ أَجْسَادَهُمْ. وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِهِمُ الشُّهَدَاءَ، وَالْقُرْطُبِيُّ الْمُؤَذِّنَ الْمُحْتَسِبَ. 

قَالَ عِيَاضٌ: فَتَأْوِيلُ الْخَبَرِ: وَهُوَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ، أَيْ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ، مِمَّا يَأْكُلُهُ التُّرَابُ؛ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ لَا يَأْكُلُ أَجْسَادًا كَثِيرَةً كَالْأَنْبِيَاءِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا عَجْبُ ذَنَبِهِ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا: لَا يَبْلَى عَجْبُ الذَّنَبِ، وَلَا يَأْكُلُهُ التُّرَابُ.

وَخَالَفَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ: إِلَّا هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ وَعَجْبُ الذَّنَبِ أَيْضًا يَبْلَى. وَقَدْ أَثْبَتَ هَذَا الْمَعْنَى الْفَرَّاءُ، وَالْأَخْفَشُ فَقَالُوا: تَرِدُ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ.

وَيَرُدُّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْمُزَنِيُّ: التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُهُ أَبَدًا، كَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ.

وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ: ( مِنْهُ خُلِقَ يَقْتَضِي ) : أَنَّهُ أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ يُخْلَقُ مِنَ الْآدَمِيِّ. " انتهى، ملخصا.

وفي "إكمال المعلم" للقاضي عياض (510/8): "وقوله: "إلا عجب الذنب" قال الإمام: هو العظم الذى فى أسفل الصلب، وهو العسيب. قال أبو مالك الأعرابى: هو رأس العصعص.

قال القاضى: يقال: عجب وعجم.

ومعنى قوله: "منه خلق": قال الباجى: هو ما خلق من ابن آدم، وهو الذى يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه" انتهى.

وينظر: "شرح مسلم" للنووي (92/18)، "حاشية السندي على سنن النسائي" (112/4).

ثالثًا:

الأمر على ما ذكر السائل الكريم؛ فبعض المواليد يولد بغير العصعص، وهي متلازمة التراجع الذيلي (caudal regression syndrome) أو مرض غياب منطقة الذيل (caudal agenesis) هي عيب خلقي يتناول الجزء السفلي من العمود الفقري الأجزاء العصعصية(sacral) والعجزية (coccygeal)، حيث تكون الفقرات السفلية من العمود الفقري إما غائبة تماما أو مشوهة، وباعتبار هذه الحالة عيبا خلقيا فإنها تحدث في مرحلة تكون الجنين. وهي حالة نادرة تصيب شخص إلى خمسة اشخاص من كل مئة ألف، ولا يعرف سبب محدد لهذه الحالة.

 لكن لوحظت هذه الحالة عند الأطفال الذين كانت أمهاتهم مصابة بمرض السكري وتعاني من ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم.

تصنيف المرض: حسب نظام بانج (pang classification) وهو نظام يعتمد على التغيرات التي تطرأ على العظم في التنصيف:
النوع الأول: غياب كامل للفقرات العصعصية والعجزية مع غياب بعض الفقرات القطنية أيضا.
النوع الثاني: غياب كامل للفقرات ال العصعصية والعجزية مع عدم تدخل الفقرات القطنية.

النوع الثالث: الفقرة الأولى العصعصية موجودة، وفي هذا النوع يختص بغياب قطعة أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة من المنطقة الذيلية.
النوع الرابع: غياب للفقرات العصعصية على جانب من العمود الفقري وموجودة على الجانب الآخر.

النوع الخامس: الفقرات العصعصية كلها موجودة لكن غياب للفقرات العجزية.

وهناك الكثير من التصنيفات الثانوية التي قد تندرج تحت كل نوع.

المصادر:

1-Lee, J.Y., Shim, Y. and Wang, K.C. (2021) “Caudal Agenesis : Understanding the base of the wide clinical spectrum,” Journal of Korean Neurosurgical Society, 64(3), pp. 380–385. Available at: https://doi.org/10.3340/jkns.2021.0025.

2-Caudal regression syndrome: MedlinePlus Genetics (no date). Available at: https://medlineplus.gov/genetics/condition/caudal-regression-syndrome/.

رابعًا:

لا تعد هذه الحالة إشكالًا حول الحديث؛ لأنه لا يمتنع أن يوجد هذا الجزء الذي يتم تخليق الجنين منه، ثم يتراجع بعد ذلك حتى لا نجد – نحن - له أثرًا، كما نجد أن البذرة يتولد منها الزرع، وفي كثير من المزروعات لا نجد أثرًا لهذه البذرة بعد تمام المزروع.

وينظر للفائدة: هذا الرابط، ففيه ما يؤيد الجواب السابق .

أما بالنسبة لمسألة وجود أثر بيولوجي لهذه العملية فلعل ما في هذا الرابط يفيد في ذلك.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب