الجمعة 24 شوّال 1445 - 3 مايو 2024
العربية

هل صح دعاء في رد الضالة أو الصلاة لأجل ردها؟

452338

تاريخ النشر : 25-05-2023

المشاهدات : 12982

السؤال

هل صح دعاء في رد الضالة أو الصلاة لأجل ردها؟

الجواب

الحمد لله.

الذي وقفنا عليه في هذا الباب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هو ما رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 340)، وفي "الأوسط" (5 / 43)، وفي "الصغير" (1 / 394)، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ ‌عُمَرَ ‌بْنِ ‌كَثِيرِ ‌بْنِ ‌أَفْلَحَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّالَّةِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ رَادَّ الضَّالَّةِ، وَهَادِي الضَّلَالَةِ، أَنْتَ تَهْدِي مِنَ الضَّلَالَةِ، ارْدُدْ عَلَيَّ ضَالَّتِي بِعِزَّتِكَ وَسُلْطَانِكَ، فَإِنَّهَا مِنْ عَطَائِكَ وَفَضْلِكَ).

ثم قال الطبراني: " لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ إِلَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ، وَلَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ " انتهى.

وقال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه ‌عبد الرحمن بن ‌يعقوب ‌بن ‌أبي ‌عباد المكي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات " انتهى. "مجمع الزوائد" (10 / 133).

فهذا الحديث: لا يصح مرفوعا، خاصة وأن عبد الرحمن هذا قد خالفه الإمام علي بن المديني فرواه عن سفيان موقوفا من كلام ابن عمر رضي الله عنه، كما عند البيهقي في "الدعوات الكبير" (2 / 187)، قال: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْمِهْرَجَانِيُّ، بِهَا، أخبرنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ ‌عُمَرَ ‌بْنِ ‌كَثِيرِ ‌بْنِ ‌أَفْلَحَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَضَلَّ شَيْئًا: قُلِ: ( اللَّهُمَّ رَبَّ الضَّالَّةِ، هَادِيَ الضَّالَّةِ، تَهْدِي مِنَ الضَّلَالَةِ، رُدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطَانِكَ مِنْ عَطَائِكَ وَفَضْلِكَ ).

وقد ورد من طريق أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان عن ابن عجلان، فخالف سفيان بزيادة ذكر الوضوء والصلاة.

كما عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (16 / 319)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (2 / 187 — 188): عن أَبي خَالِدٍ الأَحْمَر سُلَيْمَان بْن حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ فِي الضَّالَّةِ : يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ وَيَقُولُ: " بِسْمِ اللهِ يَا هَادِيَ الضَّالِ، وَرَادَّ الضَّالَّةِ، ارْدُدْ عَلَيَّ ضَالَّتِي بِعِزَّتِكَ وَسُلْطَانِكَ، فَإِنَّهَا مِنْ عَطَايَاكَ وَفَضْلِك ".

ثم قال البيهقي: " هَذَا مَوْقُوفٌ وَهُوَ حَسَن " انتهى.

لكن في إسناده ابن عجلان قد وصف بالتدليس، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" (ص 44)، في المرتبة الثالثة؛ وهم من أكثروا منه واختلف في حكمهم.

والراوي عن ابن عمر وهو عمر بن كثير بن أفلح، لم يثبت له سماع من الصحابة، وإنما الثابت سماعه عن التابعين، فالظاهر أن في هذا الإسناد انقطاعًا.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" عمر بن كثير بن أفلح المدني، مولى أبي أيوب الأنصاري.

روى عن: كعب بن مالك، وابن عمر، وسفينة، ونافع مولى أبي قتادة، وابن سفينة، ومحمد وعمارة بن عمرو بن حزم، وعبيد سنوطا. وعنه: يحيى وسعد ابنا سعيد الأنصاري، وابن عون.

قال النسائي: ثقة.

وذكره ابن حبان في "الثقات".

قلت: وكأنه لم يصح عنده لقيه للصحابة فأخر ذكره في أتباع التابعين " انتهى. "تهذيب التهذيب" (3 / 249).

فالحاصل؛ أنه لم ترد سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة وهيئة معينة للدعاء برد الضالة ، وإنما للمسلم أن يدعو بأي صيغة شاء وتيسرت له، وإن دعا بهذا الدعاء الوارد عن ابن عمر رضي الله عنهما فهو حسن .

وإن تحرى الدعاء في السجود في الصلاة أو عقب التشهد فهو أمر مشروع، لكن لا يظهر أن يصلي صلاة خاصة لأجل ذلك.

وينظر للفائدة: "تبييض الصحيفة" للشيخ محمد عمرو عبد اللطيف، رحمه الله (2/167-172).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب