الاثنين 20 شوّال 1445 - 29 ابريل 2024
العربية

الاختلاط في المحاضرات الدينية والدروس الشرعية

415845

تاريخ النشر : 07-07-2023

المشاهدات : 2207

السؤال

إنني أرى بعض المشايخ المتصدرين يعطون دروس للشباب في أعمار متقاربة، وتكون الدروس مختلطة، الرجال في الجانب الأيمن من الغرفة، والنساء في الجانب الأيسر،الدروس تعطى بشكل مباشر في بلد ليس عربي، فهل هذا جائز؟ أليس هذا الاختلاط المنهي عنه؟ أعلم حكم الاختلاط، وأنه نوعان: ما يحترز منه، وما لا يحترز منه، وأنه يباح للضرورة، لكن أسأل عن هذه الحالة بالذات.

الجواب

الحمد لله.

الاختلاط بين الرجال والنساء في مجال التعليم أو العمل: يدعو إلى الفتنة، وتنشأ عنه مفاسد كثيرة من إطلاق البصر في الحرام، وتعلق القلب، وغير ذلك، ولا فرق في ذلك بين المحاضرات الدينية والدروس الشرعية وغيرها.

ولهذا؛ فالأصل تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء في الدراسة والعمل وغيره، كما سبق بيانه في جواب السؤال  (1200)، (97231). 

ولكن البلدان التي شاع فيها الاختلاط، وابتلي أهلها به، يرخص لهم ما لا يرخص لغيرهم، للحاجة.

فإذا احتاج الناس لتعلم دينهم، ولم يمكن جمعهم في مجالس منفصلة لنفورهم من ذلك، لما اعتادوه من الاختلاط: جاز جمعهم في مجلس واحد على نحو ما ذكرت. وأحسن منه أن يكون الرجال في الأمام، والنساء في الصفوف الخلفية. مع أمر النساء بالحجاب وترك الزينة، وهذا من ارتكاب أخف الشرين وأهون المفسدتين، فإن جهلهم بالدين مفسدته أعظم من الاختلاط الذي هو مألوف لديهم.

وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (127946) أن هذا الترخيص مبناه على القاعدة الفقهية التي تقول : " ما حرم سداً للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم ، إذا عارضتها حاجة راجحة أُبيح المحرَّم" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/49).

وقال: " ما كان من باب سد الذريعة إنما يُنهى عنه إذا لم يُحتج إليه ، وأما مع الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به فلا ينهى عنه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/214).

وقال ابن القيم رحمه الله: " ما حُرِّم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل ، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة " انتهى من "إعلام الموقعين" (2/161).

وينبغي للداعية والمعلم ألا يستسلم للواقع المخالف للشرع، فلو ألقى محاضرة مختلطة، وأمكنه من خلالها أن يدعو الحضور إلى ترك الاختلاط، وأن يبين أن محاضرته القادمة سيتم فيها وضع فاصل بين الرجال والنساء، بل وبينه وبينهن، كان عليه ذلك.

وليس هذا بعسير في التطبيق، إن شاء الله، إذا تعاون عليه أهل المكان، فإن أبوا جاز إلقاء المحاضرة مع تخفيف المفاسد ما أمكن، بجعل النساء في جانب، وإلزامهن بالحجاب، والتنبيه على تحريم إبداء الزينة والتطيب وتصوير النساء.

وأما التساهل في إلقاء المحاضرات مع الاختلاط دون سعي في التغيير، فهذا تساهل يلام عليه صاحبه، لا سيما إذا كانت المحاضرات يمكن الاستغناء عنها لكونها لا تتعلق ببيان مهمات وفرائض الدين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب