الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

هل ورد حديث في فضل قراءة سور معينة من القرآن في أوقات معينة؟

366252

تاريخ النشر : 13-04-2022

المشاهدات : 94753

السؤال

ما حكم قراءة هذه السور في هذه الأوقات: ١- سورة يس بعد الفجر يقضي الله تعالى حوائجنا في الدنيا والآخرة. ٢- سورة الواقعة بعد الظهر يقيك الله تعالى فقر الدنيا والآخرة. ٣- سورة الرحمن بعد العصر يرحم الله تعالى فيها ضعفك. ٤- سورة الدخان بعد المغرب يستغفر لك سبعون ملك. ٥- سورة الملك بعد العشاء يقيك الله تعالى من عذاب القبر؟

الجواب

الحمد لله.

​أولًا :

فضائل سور القرآن لا تثبت إلا بخبر صحيح، ولا يجوز إثبات فضل معين لسورة إلا بتوقيف من الشرع الشريف .

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(222887)، ورقم:(82800)، ورقم:(231102).

ثانيًا :

أما كون قراءة " سورة يس بعد الفجر يقضي الله حوائجنا في الدنيا والآخرة ".

فهذا الكلام يروى عن التابعي الجليل يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال : ( من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ) . قال : ( وأنبأنا مَن جرَّبَ ذلك ).

ومدار هذا الأثر على عامر بن يساف ، ويتحصل من كلام الأئمة أن تفرد عامر بن يساف غير مقبول لوجود المناكير في حديثه .

وبهذا يتبين ضعف روايته لهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير .

على أنَّه ، لو قدر صحته ، فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ولا كلام أحد من أصحابه ، وإنما هو من كلام يحيى ، وهو من صغار التابعين ، توفي سنة (132ه).

قال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف رحمه الله : " العمدة في دين الله عز وجل : صحة النقل ، وثبوت العرش، وهذا أثر منكر لا يصح" انتهى .

" أحاديث ومرويات في الميزان " (ص/75) طبعة ملتقى أهل الحديث.

كما لم نقف على حديث يدل على مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة " يس " فجراً ، وقد سبق في موقعنا بيان أن جميع الأحاديث المروية في فضل هذه السورة ضعيفة ، يمكن مراجعة ذلك في جواب السؤال رقم:(75894) .

وانظر الجواب رقم:(135081)، فقد استوفينا الكلام حول الأثر .

ثالثًا :

أما كون قراءة " سورة الواقعة بعد الظهر يقيك الله فقر الدنيا والآخرة ".

فلم نقف على تخصيص قراءتها ببعد الظهر ، وإنما ورد - على ضعفٍ فيه - قراءتها كل ليلة من حديث عبد الله بن مسعود:  مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا  ، قَالَ: وَقَدْ أَمَرْتُ بَنَاتِي أَنْ يَقْرَأْنَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ".

أخرجه جمع من المصنفين؛ فرواه أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القران" (ص257)، و الإمام أحمد في "فضائل الصحابة"(2/726)، ورواه الحارث بن أبي أسامة "(2/729)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(680)، والبيهقي في "شعب الايمان" (4/119)، وغيرهم.

وهو حديث ضعيف ، لا يصح العمل به.

قال "الزيلعي" : " فقد تبين ضعف هذا الحديث من وجوه :

أحدها: الانقطاع، كما ذكره الدارقطني، وابن أبي حاتم في "علله" نقلا عن أبيه.

والثاني: نكارة متنه، كما قال أحمد.

والثالث: ضعف رواته، كما ذكره ابن الجوزي.

والرابع: الاضطراب، فمنهم من يقول: أبو طيبة ... كما ذكره الدارقطني، ومنهم من يقول: أبو ظبية، ومنهم من يقول: أبو فاطمة كما ذكرهما البيهقي، ومنهم من يقول: أبو شجاع، ومنهم من يقول: عن أبي شجاع (الظاهر عن شجاع) .

وقد اجتمع على ضعفه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وابنه، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي تلويحًا وتصريحًا، والله أعلم " انتهى من "تخريج أحاديث الكشاف"(3 / 413).

وقد تكلمنا عنه في الجواب رقم:(320774).

رابعًا :

أما كون قراءة " سورة الرحمن بعد العصر يرحم الله فيها ضعفك ".
فلم نقف على أثر صحيح ولا ضعيف في تلاوتها بعد العصر .

وقد ورد في فضلها أثر حسنه الشيخ الألباني رحمه الله ، في "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها" (5/ 183).

وقد رواه الترمذي (3291) : عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا، فَقَالَ: لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الجِنِّ لَيْلَةَ الجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن: 13] قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الحَمْدُ.

خامسًا :

أما كون قراءة "سورة الدخان بعد المغرب يستغفر لك سبعون ملك".

فلم يرد في قراءتها بعد المغرب شيء ، إلا أن قراءتها في الليل ، أو ليلة الجمعة رواه الترمذي ، وهو حديث ضعيف ، بل حُكِم عليه بالوضع .
فقد روى الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: "من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك" ، وعنه: "من قرأ الدخان ليلة الجمعة غفر له" .

أما الحديث الأول فقد رواه الترمذي برقم (2888) من طريق عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، وقال: " هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وعمر بن أبي خثعم يضعف قال محمد : وهو منكر الحديث "، انتهى .

وأما الحديث الثاني فقد رواه برقم (2889) من طريق هشام أبي المقداد، عن الحسن، عن أبي هريرة به ، وقال : " هذا حديث، لا نعرفه إلا من هذا الوجه وهشام أبو المقدام يضعف، ولم يسمع الحسن من أبي هريرة، هكذا قال أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد "، انتهى .

وانظر "الموضوعات" لابن الجوزي : (1/ 404)، (485)، و"الضعيفة" (4632، 6734).

وانظر : "آثار الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني " (14/ 138) .

سادسًا :

أما كون قراءة " سورة الملك بعد العشاء يقيك الله من عذاب القبر".
فقد جاء في فضل قراءة سورة الملك ( تبارك الذي بيده الملك ) عموماً ، وقبل النوم خصوصاً ، ما رواه الترمذي (2891) وأحمد في مسنده (7915) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً ، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ ، وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي ".

وروى الترمذي(2892)، وأحمد(14249) عن جابر رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل ، وتبارك الذي بيده الملك " وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح سنن الترمذي".

فالأفضل أن يقرأ الإنسان سورة الملك قبل النوم كل ليلة ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام ، ولو قرأها في صلاة العشاء أو في صلاة الليل قبل النوم أو قبل ذلك ، فإنه يجزئه ذلك ؛ لعموم الحديث الأول الوارد في شفاعة سورة الملك لمن قرأها ، فإن زمن القراءة فيه لم يحدد بوقت .

وراجع الجواب رقم:(199587).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب