الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حول صحة حديث :" من زار له أخ في الله في الصباح شيعه سبعين ألف ملك يقولون اللهم اغفر للزائر والمزور ".

299689

تاريخ النشر : 11-03-2019

المشاهدات : 55539

السؤال

ما صحة هذا الحديث : ( من زار له أخا في الله في الصباح شيعه سبعون ألف ملك ، يقولون : اللهم اغفر للزائر والمزور ، اللهم ارحم الزائر والمزور ، حتى يمسي ، ومن زار له أخا في المساء شيعه سبعون ألف ملك ، يقولون : اللهم اغفر للزائر والمزور ، اللهم ارحم الزائر والمزور حتى يصبح ) ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

هذا الحديث الذي أورده السائل الكريم لا أصل له بهذا اللفظ .

وقد ورد بلفظ آخر صحيح من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولكن في فضل عيادة المريض ، وليس في مطلق الزيارة في الله ، وليس فيه جملة :" اللهم اغفر للزائر والمزور ، اللهم ارحم الزائر والمزور " .

وإنما اللفظ الصحيح الوارد ، هو ما أخرجه أحمد في "المسند" (612) ، وأبو داود في "سننه" (3099) ، وابن ماجه في "سننه" (1442) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (7452) ، وأبو يعلى في "مسنده" (262) ، من طريق الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ: " جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَعَائِدًا جِئْتَ أَمْ شَامِتًا؟ قَالَ: لَا ، بَلْ عَائِدًا ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنْ كُنْتَ جِئْتَ عَائِدًا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ  .

والحديث قد رُوي من عدة طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفي طرقه اختلاف في رفعه ووقفه .

وقد رواه أبو داود في "سننه" (3098) ، من طريق الحكَمِ ، عن عبدِ الله بن نافعِ ، عن عليٍّ ، قال: " ما مِن رجلٍ يعودُ مريضاً مُمسِياً إلا خرجَ معهُ سبعون ألف ملكٍ يستغفِرون له حتى يُصْبِحَ ، وكان له خريفٌ في الجنة ، ومن أتاهُ مُصبِحاً خرج معه سبعونَ ألفَ ملكٍ يستغفرون له حتى يُمسيَ ، وكان له خريفٌ في الجنة " .

رواه هكذا موقوفا ، ثم قال :" وأُسند هذا عن عليٍّ، من غيرِ وجهٍ صحيحٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم "انتهى .

والحديث قال فيه ابن عبد البر في "الاستذكار" (8/421) :"  هذا حديث حَسَنٌ صَحِيحٌ، ثَابِتُ الْإِسْنَادِ، شَرِيفُ الْمَعْنَى رَفِيعٌ " انتهى ،  وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" (9/502) ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1367) .

وقد رُوي الحديث من وجه آخر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، في فضل الزيارة مطلقا ، بنحو هذا اللفظ ، إلا أن إسناده ضعيف جدا .

وهذا الطريق أخرجه تمام في "الفوائد" (651) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8609) ، من طريق أَبِي حَمْزَةَ ثابت بن أبي صفية الثُّمَالِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ زَارَ أَخًا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِغَيْرِ الْتِمَاسِ مَوْعِدٍ لِلَّهِ وَيُنْجِزُهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ ، يُنَادُونَهُ مِنْ خَلْفِهِ: أَلَا طِبْتَ وَطَابَتْ لَكَ الْجَنَّةُ ، مَرَّتَيْنِ  .

وإسناده ضعيف جدا ، فيه ثابت بن أبي صفية ، متروك .

 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/363) :" قال أحمد ، وابن معين: ليس بشيء . وقال أبو حاتم: لين الحديث . وقال النسائي: ليس بثقة ". انتهى

ثم هو معضل إلى أبي إسحاق، كما قال ابن عدي في "الكامل" (2/93) .

وفيه كذلك الحارث الأعور ، مشهور بالضعف .

ثانيا:

فضل الزيارة في الله ثابت ، وفيه أحاديث صحيحة مشهورة ، فيها غنى عن هذه الأحاديث الواهية .

ومن أعظمها وأفضلها ما رواه مسلم في "صحيحه" (2567) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، :  أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ ، مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ .

ومنها : ما أخرجه أحمد في "المسند" (22030) ، من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ  .

وإسناده صحيح ، صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2581) .

وختاما : نسأل الله أن يجعلنا من المتحابين فيه ، والمتزاورين فيه ، والمتجالسين فيه ، والمتباذلين فيه ، آمين .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب