الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم دراسة العمارة الغربية والاستفادة من علوم الكفار ومخترعاتهم

299630

تاريخ النشر : 25-02-2019

المشاهدات : 10496

السؤال

ما حكم دراسة العمارة الغربية ، وأقصد بها الكلاسيكية ؟ وهل يعتبر هذا تقليدا لأهل الكفر أم لا ؟ وما حكم بناء البيوت على طراز الغربي ، مع العلم أن من بناه لم يقصد ببنائه تقليد أهل الكفر ، إنما أعجبه هذا الطراز ؟ وإن كان حراما ، فكيف يمكن الجمع بينه وبين أن المسلمين الأوائل بنوا الكثير من المساجد على الطراز الرومي والفارسي ، فعلى سبيل المثال : أمر الوليد بن عبدالملك بجلب صناع ومهندسين بيزنطيين وإغريق وفرس لبناء الجامع الأموي الكبير ، وقاموا ببناء هذا الجامع على طراز البلدان التي جاءوا منها ، ومع هذا لم نسمع أن التابعين نهوا عن ذلك ، مع أن الجامع جاء بطراز مشابه لطراز بعض دول الكفر ، وعلى كل حال ، إن كان البناء بطراز أهل الكفر حراما ، فهل يجوز خلط عمارتهم وزخرفتهم مع الزخرفة الإسلامية بحيث لا يصبح هذا طرازا غربيا ، بل يكون طراز امتاز به المسلمون ؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في دراسة العمارة الغربية، وبناء البيوت على الطراز المعماري الغربي؛ فإن هذا من أمور العادات التي يجوز أخذها من غير المسلمين ما دامت نافعة، كما أخذ المسلمون فكرة الخندق من الفرس، وكما أخذوا الديوان، وختم الرسائل، واستعملوا الدراهم والدنانير الرومية، واستعملوا أدوات الكفار، وأسلحتهم ، والثياب التي ترد من بلادهم، وغير ذلك.

والتشبه الممنوع: هو التشبه بهم في عباداتهم الباطلة، أو فيما هو من خصائصهم في اللباس والهيئة ، بحيث لو رئي المسلم ، لظن من يراه : أنه كافر.

وأما الصناعات ، والعلوم ، وسبل الترقي الحضاري ، فهذه تؤخذ من كل أحد ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"وإذا قيل " تَشَبُّهٌ بالكفار " فلا يعني ذلك أن لا نستعمل شيئاً من صنائعهم : فإن ذلك لا يقوله أحد ، وقد كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يلبسون ما يصنعه الكفار من اللباس ، ويستعملون ما يصنعونه من الأواني .

والتشبه بالكفار : هو التشبه بلباسهم ، وحلاهم ، وعاداتهم الخاصة ، وليس معناه أن لا نركب ما يركبون ، أو لا نلبس ما يلبسون .

لكن : إذا كانوا يركبون على صفة معينة ، خاصة بهم : فلا نركب على هذه الصفة ، وإذا كانوا يفصلون الثياب على صفة معينة، خاصة بهم : فلا نفصل على هذا التفصيل ؛ وإن كنا نركب مثل السيارة التي يركبونها ، ونفصل من نوع النسيج الذي يفصلون منه" انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / 271).

وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى- في معرض تناوله لهذه المسألة والرد على من يرى فيما ذكرناه تقليداً وتشبهاً-: "إن جملة ما يتأتى به التقليد والاحتذاء ، ينحصر في ثلاثة أمور:

"الأول: الفنون والصنائع المفيدة ، وهذا ربما يصل طلب التقليد فيه إلى الوجوب الشرعي، وذلك كالفنون التي تتعلق بالقوى الحربية والصحة الجسدية ، وسائر ما لا يستغني عنه العمران، ولا وصول إليها أولاً إلا بالتقليد والاقتباس.

الثاني: ما لا نفع فيه ولا ضرر منه، والأَولى تركه ، وإن كان مباحاً، وإن لم يكن بد من فعله، فينبغي ألا يُلاحَظ التشبهُ بهم ، ولا يُتَوخَّى احتذاؤهم فيه.

الثالث: ما فيه ضرر لنا، والحكم الشرعي في إتيان المضرات المحققة: الحرمة. والمظنونة: الكراهة.

وهناك شبهات يُخشى ضررها ، ولا يُرجى نفعها، وربما لا يظهر ضررها إلا باستعمال السواد الأعظم لها، لا الآحاد والعشرات مثلاً" انتهى من "مجلة المنار" (العدد1، المجلد29، الصفحة551).

والذي يظهر: أن بناء البيوت على الطراز الغربي ، يدخل في الحالة الثانية التي ذكرها الشيخ محمد رشيد رضا ، فيكون مباحا ، والأولى تركه ، متى استغنينا عنه بغيره ، ولم يكن بنا حاجة إليه.

وينظر للفائدة:

http://www.alukah.net/culture/0/19210/

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب