الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل يجوز أن يمل المدين الأخرس على الكاتب بالإشارة؟

298449

تاريخ النشر : 03-11-2022

المشاهدات : 2603

السؤال

هل يجوز إذا صاحب الدين أبكم أن يمل الكاتب بلغة الإشارة، أو يلزم أن ينطق بالكلام؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

القاعدة في إشارة الأخرس أنها تقوم مقام النطق إذا كانت مفهومة ، إلا في مسائل معينة ذكرها العلماء ، فبيع الأخرس وشراؤه وإجارته ونكاحه وطلاقه وإقراره ... كل ذلك ينعقد بالإشارة .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/278):

إِشَارَةُ الأْخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا، وَتَقُومُ مَقَامَ عِبَارَةِ النَّاطِقِ فِيمَا لاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعِبَارَةِ، إِذَا كَانَتْ مَعْهُودَةً ؛ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ: كَالْبَيْعِ، وَالإْجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْحُلُول: كَالطَّلاَقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالإْبْرَاءِ . وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالأْقَارِيرِ - مَا عَدَا الإْقْرَارِ بِالْحُدُودِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ - وَالدَّعَاوَى، وَالإْسْلاَمُ.

وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ ...

وَلاَ فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ إِشَارَةِ الأْخْرَسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا، وَلاَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَسُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئًا ، عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ" انتهى.

وقال الزركشي في "المنثور" (1/165):

"واعلم أن إشارة الأخرس كنطقه إلا في مسائل:

إحداها : إذا خاطب بالإشارة في الصلاة؛ لا تبطل في الأصح.

الثانية : إذا شهد بالإشارة : لا تقبل ، لأن إقامتها مقام النطق للضرورة ، ولا ضرورة في شهادته،  لإمكان شهادة الناطق .

الثالثة : إذا حلف لا يكلم زيدا ، فكلمه بالإشارة : لا يحنث .

الرابعة : حلف بالإشارة : لا ينعقد يمينه .

ويستثنى من هذا لعانه بالإشارة ؛ فيصح للضرورة " انتهى .

وبناء على هذا ؛ فإذا كانت إشارة الأخرس مفهومة للكاتب والشاهدين ؛ فلا حرج أن يقوم هو بالإملاء بالإشارة .

ثانيا:

فإذا قيل : إن الآية الكريمة التي ذُكر فيها هذا الحكم أمر الله تعالى فيها إذا كان الذي عليه الحق لا يستطيع أن يمل ، لصغر أو مرض أو خرس ... أو غير ذلك ، أن يقوم وليه بالإملاء.

قال تعالى: فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ سورة البقرة /282 .

قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 118) : 

"من فوائد الآية : أن من لا يقدر على إملاء الحق لصغره أو سفهه أو خرسه، أو نحو ذلك، فإنه ينوب وليه منابه في الإملاء والإقرار" انتهى .

وقال القرطبي في تفسيره (3/388) :

"وأما الأخرس : فيسوغ أن يكون من الضعفاء، والأولى أنه ممن لا يستطيع" انتهى .

فالجواب: أن الآية لم تذكر الطرق التي يثبت بها الحق ، وإنما ذكرت ما ينبغي أن يستوثق به صاحب الحق ، ولذلك لم تذكر الآية أنه يستشهد رجلا واحدا ، مع أن الحق يثبت بشاهد ويمين المدعي ، لأن الأقوى في التوثقة أن يثبت الحق بشاهدين .

ولا شك أن إملاء الولي باللفظ أقوى من إملاء الأخرس بالإشارة ، لأن الإشارة قد ينازع في دلالتها ، بخلاف اللفظ .

قال ابن القيم رحمه الله :

"ذكر الله تعالى شهادة الرجلين ، والرجل والمرأتين في الأموال ، فقال في آية الدين : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) : فهذا في التحمل والوثقة التي يحفظ بها صاحب المال حقه ، لا في طرق الحكم وما يحكم به الحاكم ، فإن هذا شيء ، وهذا شيء" انتهى من "أعلام الموقعين" (1/196) .

وعلى ذلك يقال:

إن أمكن أن يملي ولي الأخرس، نيابة عنه: فهو أحسن.

وإلا؛ فلو أملى الأخرس بلغة الإشارة، وكانت مفهومة عنه: صح ذلك.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب