الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

تبنته عائلة وسمته باسمها ولو غير الاسم الآن أدى لسجنهم

282640

تاريخ النشر : 03-08-2022

المشاهدات : 3122

السؤال

تبنتني عائلة منذ صغر سني، وأدرجتني في دفترها العائلي، وأنا اليوم أحمل لقب هذه العائلة شأني شأن الابن الحقيقي لها، كِلا والديّ لم يفاتحاني بالموضوع، علما أن عمري 26 سنة، ولا يزالا يكتمان الأمر حتي الآن، سواء علي أو على باقي أفراد العائلة، وقد علمت مؤخرا من عمتي بالتبني، والتي كانت طرفا في الإجراءات الإدارية بحكم طبيعة عملها، أخبرتني بأني كنت أحمل لقب والدتي البيولوجية، وتم تسجيلي في دفتر الحالة المدنية باسمها، ولكن والدي بالتبني آثر أن أحمل لقبه، وتحجج بأنه يأبى أن يحمل ابنه لقب امرأة، وعليه فقد تم تسجيلي مجددا باسم والدي بالتبني، وأنا اليوم أحمل لقبه، ولا يوجد أي أثر في وثائقي الشخصية بأني ابنه بالتبني أو بالكفالة، استشرت الجهات القانونية، وقد أفادتني بأن المشرع الجزائري قد منع التبني، ومنع أن يحمل ابن لقب عائلة لا ينتسب إليها، وأكدت لي أن ما بدر من والديّ وعمتي يعتبر تزويرا أمام القانون، وقد يتسبب لكلّ منهم بالسجن والغرامة المالية، في حال ما إذا أردت تغيير لقبي، أو الانتساب إلى والدتي الحقيقية، أنا على وعي تام بأنّ اللقب الذي أحمله لا يخصني، ويعتبر مخالفا للتعاليم القانونية والشرعية، لذلك فإني أطمح إلى تسوية وضعيتي دون إلحاق الضرر بالعائلة التي ربتني، وأن يلحقها العقوبة القانونية. استفساري يتلخص فيما يلي: هل يوجب عليّ الشرع تغيير نسبي الحالي، والانتساب إلى والدتي الحقيقية، علما أنّ الأمر يترتب عنه عقوبات قانونية يتلقاها والديّ بالتبني؟ أم إن درء الضرر القانوني الذي يلحقهم يُسقط عني الواجب الشرعي؟ وهل علي واجبات تجاه أمي البيولوجية؟ وهل أنا مطالب من الأساس بالبحث عنها، علما أن عمتي بإمكانها مساعدتي لاسترجاع الاتصال بها؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز لأحد أن ينتسب إلى غير أبيه الحقيقي وهو يعلم؛ لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً  الأحزاب/ 5.

وروى البخاري (3508)، ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ: إِلا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ [ أي : نسب] : فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ .

ولما يترتب على النسب من أحكام كالإرث، والمحرمية، والولاية وغير ذلك.

قال ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره، وقُيِّد في الحديث بالعلم، ولا بد منه في الحالتين، إثباتا ونفيا؛ لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له" انتهى من "فتح الباري" (6/541).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الذي عليه الوعيد هو الذي ينتمي إلى غير أبيه لأنه غير راض بحسبه ونسبه، فيريد أن يرفع نفسه ويدفع خسيسته بالانتماء إلى غير أبيه، فهذا هو الذي عليه اللعنة والعياذ بالله. يوجد والعياذ بالله من يفعل ذلك للدنيا ينتسبون إلى أعمامهم دون آبائهم للدنيا، مثل ما يوجد الآن أناس لديهم جنسيتان ينتسب إلى عمه أو إلى خاله أو ما أشبه ذلك لينال بذلك شيئا من الدنيا، هذا أيضا حرام عليه ولا يحل عليه ذلك.

والواجب على من كان كذلك أن يعدل تبعيته وجنسيته وكذلك بطاقته ولا يبقيها على ما هي عليه" انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6/592).

والحاصل: أنه لا إثم عليك فيما جرى، لكن يلزمك تغيير هذا الاسم، بالانتساب إلى أمك الحقيقية، أو إلى اسم عام لا يقصد به شخص معين.

ثانيا:

إذا لم يمكن تغيير الاسم، أو كان يترتب على التغيير سجن لمن تبناك، فلا يلزمك التغيير؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، ولكن يلزمك أن تُشيع بين المحيطين بك حقيقةَ نسبك، وانتفاء الصلة بينك وبين من نُسبت إليه في الأوراق، منعاً لاختلاط النسب، واختلاط الأحكام، من المحرمية، والتوارث، فيما يخصك، ويخص أولادك من بعدك.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(160909)، ورقم:(260677). 

ثالثا:

الواجب أن تبحث عن أمك، وأن تبرها، وأن تعلم أن ما قامت به لا يسقط حقها في البر، ولعلها أرادت الوصول إليك ولم تستطع، وبكل حال فالأم لها حق عظيم في البر والإحسان فاجتهد في أداء هذا الحق.

هذا مع الشكر والإحسان لمن قاموا بتربيتك ورعايتك، مع خطئهم فيما فعلوا من التبني.

قال الله عز وجل:  هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ الرحمن/60.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ  رواه أبو داود (1762)، والنسائي(2567)، وصححه الألباني.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب