اشترى سلعة وتركها أمانة لدى التاجر، فباعها، ويريد أن يعطيه مثلها مع إلزامه بفرق السعر!

21-07-2024

السؤال 518583

‏اشتريت كمية ‏من أمتار السراميك من أحد المعارض، وقبل الشراء سألت صاحب المعرض إذا ما كنت أستطيع ترك السراميك عنده لحين استلام قطعة أرض مخصصة لي من الدولة، فوافق على ترك ‏السراميك عنده لحين استلام الأرض، فقمت بشراء أمتار محددة معلومة من السراميك، وبعض الأدوات الصحية معها، ودفعت ثمنها كاملة، ‏فأعطاني فاتورة بما قمت بشرائه مفصلة بكمية السراميك، ودرجة ‏السراميك، و‏مقاسات السراميك، وأسعار ‏كل نوع على حدة، ثم ‏تأخر استلام الأرض، فذهبنا ‏له ‏سألناه عما إذا كانت هناك مشكلة في ترك السراميك لأننا لم نستلم الأرض بعد، فقال: ليس هناك مشكلة، وظل الحال على هذا ست سنوات لم نستلم الأرض، وكنا نذهب له كل فترة نسأله عما إذا كانت هناك مشكلة في ترك السراميك أم لا، فكان يقول: لا ليس هناك مشكلة، حتى آخر مرة ذهبنا له، وقلنا له: إننا سنأخذ السراميك بعد عيد الأضحى هذا، فهل هناك مشكلة؟ فقال: لا، ليس هناك مشكلة، ثم ذهبنا بعد عيد الأضحى الأضحى لنأخذ السراميك ‏فوجدناه قد باع السراميك، ولم يعد موجود عنده، فأخبرنا بأن نختار غيره، فاخترنا من السراميك الموجود ما هو بنفس مواصفات السراميك الذي كنا قد اشتريناه، ونفس الكميات، والمقاسات، ‏مما لا يزيد أو يختلف عما كنا قد اخترناه من قبل، لكن صاحب المعرض طلب مني دفع مبلغ مقابل السراميك الذي اشتريناه من ست سنوات، حيث قال: إن السيراميك كان بسعر، والآن أصبح بسعر آخر، علما بأن ما اخترناه الآن هو نفس مواصفات السراميك الموجود حاليا، ولم يختلف عنه في جودة أو مقاس، فاخبرته ‏إنني اشريت منه سيراميك، وتركته ‏عنده أمانة، وأنا لا أريد غير مالي من سراميك قد اشتريته. والسؤال الآن: هل من حقه أن يأخذ زيادة من المال، علما بأن السراميك الحالي لا يختلف عن السابق في الجودة أوت المقاس أو الكمية؟

الجواب

الحمد لله.

من اشترى سلعة وتركها لدى البائع بإذنه، فهي أمانة عنده، فإن باعها كان متعدّيا متلفا للأمانة، ولزمه ضمان مثلها إن كان لها مثل، فإن لم يكن لها مثل، ضمن قيمتها يوم الاعتداء عليها بالبيع.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/ 226): " لا نعلم خلافا في أن المتلف إن كان مثليا ضُمن بمثله، وإن كان قيميّا ضمن بقيمته، كما لا نعلم خلافا في أن تقدير القيمة يراعى فيه مكان الإتلاف " انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله: " الأصل الثاني: أن جميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الإمكان، مع مراعاة القيمة ...

وإذا كانت المماثلة من كل وجه متعذرة، حتى في المكيل والموزون؛ فما كان أقرب إلى المماثلة فهو أولى بالصواب.

ولا ريب أن الجنس إلى الجنس أقرب مماثلة من الجنس إلى القيمة؛ فهذا هو القياس وموجب النصوص، وبالله التوفيق" انتهى من "إعلام الموقعين" (2/20).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ضابط المثلي: "ضابطه عند الفقهاء: كل مكيل أو موزون ليس فيه صناعة مباحة، يصح السلم فيه ...

والصحيح: أن المثلي ما كان له مثيل مطابق، أو مقارب تقاربا كثيرا.

ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته التي كسرت الإناء، وأفسدت الطعام: إناء بإناء، وطعام بطعام، ولم يضمّنها بالقيمة.

ثم إننا نقول: الصناعة الآن تتقدم، ومن المعلوم أن الفناجيل ـ مثلا ـ من الزجاج مصنوعة، وهي مثلية قطعا، فمماثلة الفنجال للفنجال، أشد من مماثلة صاع البر لصاع البر، وهذا أمر معلوم، والحلي ـ مثلا ـ والأقلام، والساعات، كل هذه مثلية، وهي على حد الفقهاء ليست مثلية.

فالصواب إذا: أن المثلي ما كان له مماثل أو مقارب مقاربة تامة" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 120).

وعليه؛ فإذا لم يوجد نفس النوع، لزمه أن يعطي ما هو قريب منه، مما يشاركه في المواصفات والمقاسات.

ولا يحل للبائع أن يطالب بفرق السعر؛ لأنه ضامن مطالب بالمثل كما قدمنا، إلا أن يقدم شيئا أعلى وترضى بقبوله فتدفع الفرق.

ولا التفات للسعر القديم الذي أخذت به، فإن في ذمته أمتارا معينة من السيراميك، وليس مالا، فيلزمه دفع مثلها أو ما يقارب المثل، فإن لم يوجد، دفع قيمتها الآن-أي وقت التعدي عليها- وليس ثمنها الأول.

والله أعلم.

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب