ما حكم المواظبة على صلاة ركعتين عند دخول البيت والخروج منه؟

07-02-2024

السؤال 478545

ما حكم تخصيص صلاة ركعتين عند دخول البيت وعند الخروج منه؟

الجواب

الحمد لله.

ورد في هذا الأمر عدة آثار ، وهي:

الأول:

روى البزار في "المسند" (15 / 187)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 461)، وإسماعيل التيمي الأصبهاني في "الترغيب" (3/30)، وغيرهم:

عن مُعَاذ بْن فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ بَكْرٌ: حسبته، عَن أبي سَلَمَة، عَن أَبِي هُرَيرة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إذا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَمْنَعَانِكَ مَخْرَجَ السُّوءِ، وإِذَا دَخَلْتَ مَنْزِلَكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَمْنَعَانِكَ مَدْخَلَ السُّوءِ .

وقال البزار رحمه الله تعالى:

" وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نعلمُهُ يُرْوَى عَن أَبِي هُرَيرة إلَاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ " انتهى.

وجاء في "أطراف الغرائب والأفراد" (5/314):

" ‌تفرد ‌به ‌يحيى ‌بن ‌أيّوب، عن بكر بن عمرو، عن صفوان عنه " انتهى.

وقد قوّى بعض أهل العلم هذا الإسناد.

فقال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه البزار، ورجاله موثقون " انتهى من "مجمع الزوائد" (2/ 283 - 284).

وقال المناوي رحمه الله تعالى:

" قال ابن حجر: حديث حسن، ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح " انتهى من "فيض القدير" (1 / 334).

وقوّاه الشيخ الألباني، فقال رحمه الله تعالى:

" وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال البخاري، وفي يحيى بن أيوب المصري كلام يسير لا يضر " انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3/315).

لكن إسناد هذا الحديث لا يخلو من مقال:

لأن بكرو بن عمرو لم يأت فيه توثيق معتبر، وقد شك في سند هذا الخبر، حيث قال كما سبق: " حسبته، عَن أبي سَلَمَة، عَن أَبِي هُرَيرة " انتهى.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" بكر ‌بن ‌عمرو، المعافرى.

مصري، إمام جامع الفسطاط… وكان ذا فضل وتعبد.

محله الصدق، واحتج به الشيخان...

قال أبو حاتم الرازي: شيخ. وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال أبو عبد الله الحاكم: ينظر في أمره " انتهى من "ميزان الاعتدال" (1 / 323).

وقوله: "احتج به الشيخان": ليس بصواب كما سيأتي في كلام المعلمي رحمه الله تعالى.

والراوي عنه يحيى بن أيوب تُكُلّم في ضبطه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" يحيى بن أيوب الغافقي المصري، أبو العباس، عالم أهل مصر ومفتيهم...

قال ابن عدي: وهو عندي صدوق. وقال ابن معين: صالح الحديث.

وقال أحمد: سيئ الحفظ. وقال ابن القطان الفاسى: هو ممن عُلِمَت حاله وأنه لا يحتج به.

وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب " انتهى من "ميزان الاعتدال" (4 / 362).

ولخص حاله الحافظ ابن حجر، بقوله رحمه الله تعالى:

" يحيى بن أيوب الغافقي، أبو العباس المصري: صدوق ربما أخطأ " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 588).

وقال ابن القطان رحمه الله تعالى:

" وبكر بن عمرو المعافري، مصري أيضا، إمام المسجد الجامع بمصر... ‌ولا ‌تُعلم ‌عدالته، وإنما هو من الشيوخ الذين لا يُعرفون بالعلم، وإنما وقعت لهم روايات أخذت عنهم.

بنحو ذلك وصفه أحمد بن حنبل، فإنه سئل عنه فقال: يُروَى عنه.

وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ.

وأما يحيى بن أيوب، فهو أبو العباس الغافقي، المصري، وهو من قد عُلمت حاله، وأنه لا يحتج به لسوء حفظه، وقد عيب على مسلم إخراجه، وممن ضعفه أحمد بن حنبل.

وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

وقد تناقض فيه أبو محمد، فسكت - كما ترى - عن حديث من روايته، وتكرر له ذلك في أحاديث، وضعف به أحاديث " انتهى من "بيان الوهم والإيهام " (4 / 69).

وبهذه العلل ضعّفه المعلمي، فقال رحمه الله تعالى:

" بكر: ‌لم ‌يوثقه ‌أحد، وليس له في البخاري إلا حديث واحد متابعة، وقد أخرجه البخاري من طريق أخرى، كذا قال ابن حجر نفسه في مقدمة الفتح ( ص 391)، وليس له عند مسلم إلا حديث واحد، وهو حديث أبي ذر قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: ( يا أبا ذر، إنك ضعيف الخ ). ثم أخرجه مسلم من وجه آخر، فروايته عن بكر في معنى المتابعة، وليس له عند مسلم غيره، كما يُعلم من الجمع بين رجال الصحيحين، ففي تحسين حديثه نظر، كيف وقد شك فيه؟ مع أن الراوي عنه يحيى بن أيوب، هو الغافقي، راجع ترجمته في مقدمة الفتح " انتهى من "الفوائد المجموعة" (ص 56 — 57).

ومع ما في هذا السند من مقال، فقد تفرد بذكر هذه السُّنّة، ولعله لأجل هذه الغرابة أعرض عنه أئمة الحديث، فلم يوردوه لا في الصحاح ولا في السنن ولا في أعمال اليوم والليلة.

وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ما صحة هذا الحديث ( إذا ‌خرجت ‌من ‌منزلك ‌فصلِّ ‌ركعتين تمنعانك من مخرج السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك مدخل السوء )؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث غير صحيح ولا يُعمل به، لكن الإنسان مأمور إذا دخل بيته أن يتسوك أول ما يدخل ثم يسلم على أهله؛ ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أول ما يبدأ به إذا دخل بيته أن يتسوك )، ثم يسلم على أهله... " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (2 / 543).

والأثر الثاني:

ما رواه ابن حبان كما في "الاحسان" (6 / 260) ، تحت باب: " ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهِ أَنْ يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ ".

قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِكِ؟ قَالَتْ: " كَانَ يَبْدَأُ إِذَا دَخَلَ بِالسِّوَاكِ، وَإِذَا ‌خَرَجَ ‌صَلَّى ‌رَكْعَتَيْنِ ".

وهذا إسناد فيه شريك القاضي، وهو موصوف بسوء الحفظ، كما أنه قد ورد أن هاتين الركعتين هما ركعتا الفجر.

قال الشيخ شعيب رحمه الله تعالى في تعليقه على "الإحسان":

" إسناده ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي- فإنه سيِّئ الحفظ. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" (1 / 168)، بذكر قصة السواك فقط.

وأخرجه ابن ماجه (290) في الطهارة: باب السواك، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإِسناد [ أي بذكر السواك فقط ].

وأخرجه أحمد (6 / 182) و 237 عن يزيد، عن شريك، به. وفيه: ( ‌وَيَخْتِمُ ‌بِرَكْعَتَيِ ‌الْفَجْرِ ).

والحديث بذكر السواك صحيح، فقد أخرجه أحمد (6 / 41 - 42) و 188 و 192، ومسلم (253) في الطهارة: باب السواك، وأبو داود (51) في الطهارة: باب السواك في كل حين، من طريقين عن المقدام بن شريح، به " انتهى.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر " انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (13 / 507).

والأثر الثالث:

رواه ابن المبارك في "الزهد" (ص453)، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ.

وسعيد بن منصور في "السنن" كما نقله السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2 / 39)، قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم، عَنِ الْأَوْزَاعِيّ.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاةُ ‌الْأَوَّابِينَ - أَوْ قَالَ: صَلَاةُ الْأَبْرَارِ - رَكْعَتَيْنِ إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ، وَرَكْعَتَيْنِ إِذَا خَرَجْتَ.

وهذا خبر مرسل.

قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:

" وعثمان بن أبي سودة: تابعي، وثقة بعضهم، ولم يقنع ذلك ابن القطان فقال: لايعرف حاله.

والخبر على هذا مرسل، وفي "اللآلىء" أن عيسى بن يونس رواه عن رجل، عن عثمان ابن أبي سودة، قال: ( كان يقال....) فذكره.

ومما يُريب في الخبر من أصله: أن أمهات المؤمنين لم يذكرن شيئا من ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم " انتهى. "الفوائد المجموعة" (ص57).

وورد فيه خبر آخر أشد ضعفا رواه العقيلي في "الضعفاء" (1 / 71 — 72)، وابن عدي في "الكامل" (1 / 567)، وغيرهما: عن سَعْد بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُدَيْدٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ ، وَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ بَيْتَهُ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ مِنْ ‌رَكْعَتَيْهِ ‌فِي ‌بَيْتِهِ ‌خَيْرًا.

ثم قال ابن عدي رحمه الله تعالى:

" وإبراهيم بن يزيد هذا لا يحضرني له حديث غير هذا، وهذا بهذا الإسناد منكر " انتهى.

وقال البخاري رحمه الله تعالى:

" هذا لا أصل له " انتهى من "التاريخ الكبير" (1 / 336).

وقد ورد من حديث جابر رضي الله عنه ما يشير إلى أن هذا متعلق بالنافلة بعد الفريضة، تؤدى في البيت؛ من غير تقييد بالدخول.

روى الإمام مسلم (778) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي ‌بَيْتِهِ ‌مِنْ ‌صَلَاتِهِ ‌خَيْرًا ).

وكذا يسن فعل الراتبة قبل الفريضة في البيت، قبل الخروج إلى المسجد.

كما روى الإمام مسلم (730) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَطَوُّعِهِ؟

فَقَالَتْ: ‌"كَانَ ‌يُصَلِّي ‌فِي ‌بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ. وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا. وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ".

الخلاصة:

من المعلوم من الشرع أنّ جعل شيءٍ ما سببا لنافلة ثابتة، تُفعل كلما تكرر هذا الشيء ، هو أمر لا بدّ له من دليل ؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف.

ولم يأت بإسناد صحيح أو حسن ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل، أو أرشد أو أمر بنافلة، بسبب دخول البيت والخروج منه، والأخبار الواردة في هذا الباب ضعيفة وبعضها شديد الضعف.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وقد ورد في فضله [ الندب إلى ركعتين عند دخول البيت ]: أحاديث في أسانيدها نظر.

فخرَّج البزار في الأمر به، وأنه يمنع مدخل السوء: حديثا عن أبي هريرة – مرفوعا، في إسناده ضعف.

وروى الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

صَلاةُ الأَوَّابِينَ - أو قال: صَلاةُ ‌الأَبْرَارِ - ‌رَكْعَتَانِ إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ، وَرَكْعَتَانِ إِذَا خَرَجْتَ منه.

وهذا مرسل.

ويروى عن هشام بن عروة، عن عائشة، قالت: " مَا ‌دَخَلَ ‌رَسُولُ ‌اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‌بَيْتِي ‌قَطُّ ‌إِلَّا ‌صَلَّى ‌رَكْعَتَيْنِ".

قال أبو بكر الأثرم: هو خطأ.

كأنه يشير إلى أنه مختصر من حديث الصلاة بعد العصر..." انتهى من "فتح الباري" (5 / 93).

وإنما ثبت الندب إلى فعل النوافل ومنها الرواتب قبل الفرائض وبعدها في البيت.

والله أعلم.

صلاة النافلة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب