لو ساعدا غارما وجيها يستطيع أن يرفع عنه ظلما هل يكون رشوة؟

27-12-2023

السؤال 456835

شخص من الغارمين، وله وجاهة عند مؤسسة في بلدي، يستطيع أن يرفع عني ظلما، والسؤال: إن أعطيت زوجته مالا، وهي قريبة لي بنية مساعدة زوجها؛ لأنه كما ذكرت من الغارمين، فهل يكون هذا المال من قبيل الرشوة، وحتى لو لم يرفع عني الظلم الواقع بي فسأعطي زوجته المال، لما ألم بهم من ديون.

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في إعطاء المدين، ما يسدد به دينه أو يخفف عنه منه، وينبغي أن تفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله؛ لتثاب عليه.

قال تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران/134.

وقال: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ) الرحمن /60.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه مسلم (2699).

وقال صلى الله عليه وسلم: (أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

وقال صلى الله عليه وسلم: (أحبُّ الناسِ إلى الله أنْفَعُهم لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعْمالِ إلى الله عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدْخِلُه على مسلمٍ، تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عنه دَيْناً، أوْ تَطْرُدُ عنه جُوعاً، ولأَنْ أَمْشي مَعَ أخٍ في حاجَة؛ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجِدِ -يعني مسجدَ المدينَةِ- شَهْراً، ومَنْ كَظَم غيْظَهُ- ولو شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أمْضاهُ-؛ ملأَ الله قلْبَهُ يومَ القيامَةِ رِضاً، ومَنْ مَشى مَع أخيه في حاجَةٍ حتى يَقْضِيَها له؛ ثَبَّتَ الله قدَميْه يومَ تزولُ الأقْدامُ) رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

وما دمت تنوي إعطاء المال لزوجته، سواء رُفع الظلم عنك أم لا، فإن إعطاءه لا يقدح في نيتك وابتغائك الثواب من الله، إن شاء الله.

ولا حرج في الطلب من ذي الوجاهة أن يرفع الظلم عنك،  وذلك من الشفاعة الحسنة كما قال:  (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا) النساء/85.

بل لا حرج في دفع المال لرفع الظلم، ولا يعد ذلك رشوة حتى لو دفع للظالم نفسه.

قال ابن الأثير رحمه الله: " الرِّشْوة والرُّشْوة: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة. وأصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء.

فالراشي مَن يُعطِي الذي يُعِينه على الباطل. والمُرْتَشِي الآخِذُ. والرائِش الذي يسْعى بينهما، يَسْتزيد لهذا، ويَسْتنقِص لهذا.

فأمَّا ما يُعْطَى تَوصُّلا إلى أخْذِ حق أو دَفْع ظُلْم: فغير داخل فيه. رُوِي أنّ ابن مسعود أُخِذ بأرض الحَبشة في شيء، فأعْطَى دينارين حتى خُلّى سبيله.

ورُوِي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يُصانِع الرجل عن نفسه ومالِه إذا خاف الظلم" انتهى من "النهاية في غريب الأثر" (2/546).

والله أعلم.

الرشوة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب