هل فضلات الديدان طاهرة أم نجسة وحكم بيع السماد المصنوع من هذه الفضلات؟

02-10-2022

السؤال 377090

أقوم في الوقت الحالي بمغامرة في مجال الزراعة لإنتاج الأسمدة باستخدام فضلات الديدان، فهل يجوز كسب المال أو القيام بأعمال تجارية من بيع هذه الأسمدة؟ وهل براز الدودة يعتبر نجسا؟ إذا وجدت بقايا منه على يدي أو قطعة قماش أثناء أداء الصلاة، فهل يبطل صلاتي؟

ملخص الجواب:

 بيع السماد الذي يحتوي على فضلات الديدان فيه تفصيل، ينبني على الحكم بطهارتها أو نجاستها. ذكر تفصيل ذلك توضيحه في الجواب المطول فلينظر للأهمية

الجواب

الحمد لله.

أولا:

حكم الديدان

الدود أربعة أنواع:

1-متولد من طاهر كدود الجبن والفاكهة، وهذا طاهر في الحياة، وينجس بالموت، ويؤكل تبعا عند الشافعية والحنابلة، والظاهر أن فضلاته معفو عنها.

2-ما لا نفس له سائلة، والنفس: الدم، وهذا طاهر حيا وميتا، وفضلاته طاهرة.

3-صراصير الكنف، وهذه نجسة في الحياة والممات، وفضلاتها نجسة.

4-ما عدا ذلك من الديدان: وهذه طاهرة في الحياة، وتنجس بالموت، وفضلاتها نجسة.

قال النووي في "المجموع" (9/36): " واعلم أنه يستثنى من قولهم: لا يحل أكل شيء نجس: مسألة، وهي الدود المتولد من الفواكه والجبن والخل والباقلا ونحوها، فإنه إذا مات فيما تولد منه، نجس بالموت على المذهب.

وفي حل أكل هذا الدود: ثلاثة أوجه ، (أصحهما) : يحل أكله مع ما تولد منه، لا منفردا" انتهى.

وقال في "كشاف القناع" (1/194): "وكذا ما لا نفس) - أي: دم (له - سائلة) ، لخبر أبي هريرة مرفوعا: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم ، فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر داء رواه البخاري. والظاهر موته بالغمس، لا سيما إذا كان الطعام حارا، ولو نجس الطعام لأفسده، فيكون أمرا بإفساد الطعام، وهو خلاف ما قصده الشارع؛ لأنه قصد بغمسه إزالة ضرره.

ولأنه لا نفس له سائلة، أشبه دود الخل إذا مات فيه، والذي لا نفس له سائلة (كذباب وبَق وخنافس)، جمع خُنْفَساء- بضم الخاء وفتح الفاء والمد، ويقال: خُنْفَسة ذكره في حاشيته-، (وعقارب وصراصير وسرطان ونحو ذلك.

وبوله وروثه) - أي: ما لا نفس له سائلة - : طاهران، قال في الإنصاف: فبوله وروثه طاهر في قولهما أي: الشيخين، قاله ابن عبيدان. وقال بعض الأصحاب: وجها واحدا، ذكره ابن تميم وقال: وظاهر كلام أحمد: نجاسته إذا لم يكن مأكولا ...

ومحل طهارة ما لا نفس له سائلة: (إن لم يكن متولدا من نجاسة، كصراصير الحُشِّ)، ودود الجرح؛ (فإن كان متولدا منها: فنجس حيا وميتا)؛ لأن الاستحالة غير مطهرة.

(وللوزغ نفس سائلة، نصا، كالحية والضفدع والفأرة) ؛ فتنجس بالموت، بخلاف العقرب" انتهى.

وقال في "الإنصاف" (1/341): "مفهوم كلامه: أن بول ما لا يؤكل لحمه وروثه إذا كان طاهرا: نجس. وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه الأصحاب...

ومحل هذا: في غير ما لا نفس له سائلة. فإن كان مما لا نفس له سائلة فبوله وروثه طاهر في قولنا" انتهى.

ثانيا:

طهارة الديدان ونجاستها وحكم بيعها

ينبني على ما سبق هل تنجس يدك بما تلابسه من فضلات هذه الديدان، أو لا؟

كما ينبني عليه : حكم البيع.

فحيث حكم بطهارة فضلات الديدان –كما في النوع الثاني- جاز بيعها.

وحيث حكم بنجاستها-كما في النوع الثالث والرابع- حرم بيعها عند الجمهور، خلافا لأبي حنيفة رحمه الله.

وأما النوع الأول فلا يتصور انتزاع فضلاته من داخل الطعام، وهو معفو عنه تبعا كما سبق.

قال ابن قدامة رحمه الله: "ولا يجوز بيع السرجين النجس. وبهذا قال مالك، والشافعي.

وقال أبو حنيفة: يجوز؛ لأن أهل الأمصار يتبايعونه لزروعهم من غير نكير، فكان إجماعا.

ولنا: أنه مجمع على نجاسته؛ فلم يجز بيعه، كالميتة.

وما ذكروه فليس بإجماع، فإن الإجماع اتفاق أهل العلم، ولم يوجد، ولأنه رجيع نجس، فلم يجز بيعه، كرجيع الآدمي" انتهى من "المغني" (4/192).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما السرجين النجس، يعني ما تدفن به الأرض عند زرعها، ويسمى عند الناس السماد: فالنجس لا يجوز بيعه، مثل سرجين الحمر وسرجين الآدمي عذرة الآدمي.

مع أن القول الراجح: أنه يجوز .. أن يُسمَّد بها ، لكن لا يجوز بيعها، لأنها نجسة العين .

وأما السرجين المتنجس : فيجوز بيعه ، لأن تطهيره ممكن ، فهو كالثوب المتنجس .

السرجين المتنجس: مثل سماد بال عليه رجل، أو بال عليه حمار، وأراد إنسان أن يبيعه ؛ نقول : لا بأس، بعه؛ لأنه يمكن تطهيره فهو كالثوب المتجنس" انتهى من "التعليق على الكافي" (4/142).

لكن إن كانت الديدان من النوع النجس، ولكنها تستعمل في عملية صناعة السماد بكمية قليلة، ثم تستحيل صفتها أثناء العملية، ولا يبقى لها رائحة، فهذا الاستحالة مطهرة، فيجوز بيع السماد .

ثالثا:

الانتفاع بفضلات الديدان في تسميد الأرض

يجوز الانتفاع بفضلات الديدان في تسميد الأرض ، ولو كانت نجسة؛ لما روى البخاري (2082)، ومسلم (2960) من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ  فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ: لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ .

فالضمير في قوله: (لَا هُوَ حَرَامٌ) هو للبيع، أي لا يجوز بيع شحوم الميتة، ودل هذا على جواز الانتفاع فيما ذكر دون بيع.

وفي "الموسوعة الفقهية" (32/204): "قال أكثر الفقهاء: يجوز استعمال الزبل والسرجين في الفلاحة لتنمية الزرع، وقالوا: ولا يكون النابت نجس عين، ولكنه ينجس بملاقاة النجاسة، فيطهر بالغسل" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (8/136): " وهذا القول هو الصحيح: أن الضمير في قوله: (هو حرام) يعود على البيع ، حتى مع هذه الانتفاعات التي عددها الصحابة رضي الله عنهم، وذلك لأن المقام عن الحديث في البيع.

وقيل: هو حرام، يعني الانتفاع بها في هذه الوجوه، فلا يجوز أن تُطلى بها السفن، ولا أن تدهن بها الجلود، ولا أن يستصبح بها الناس ولكن هذا القول ضعيف.

والصحيح: أنه يجوز أن تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس" انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(222524). 

والحاصل :

أن بيع السماد من هذه الفضلات فيه تفصيل، ينبني على الحكم بطهارتها أو نجاستها.

والله أعلم.

الطهارة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب