ما حكم عبارة: (الحمد لله على وجود الله)؟

07-01-2024

السؤال 356374

لاحظت استخدام عبارة "الحمد لله على وجود الله" من بعض الناس على مواقع التواصل، فهل لها أصل شرعي؟ وهل يجوز قولها؟

الجواب

الحمد لله.

الذي يظهر أن مراد من يقول ذلك: إثارة الرجاء في القلب ونحو ذلك ، كأن يقال للمصاب بمصيبة: الحمد لله، الله موجود، وليس المراد مجرد الإخبار بوجود الله ، بل المراد لازم ذلك ، وأنه سوف يرحمك ويخفف عنك ويعوضك خيرًا .

ويقال للمظلوم: الحمد لله، الله موجود، أي وهو العليم البصير السميع فهو يعلم مظلمتك فلن تضيع، ونحو هذا.

ومثل هذا الإخبار، لا حرج فيه .

والإخبار عن الله تعالى بشيء وإرادة لازم ذلك جائز لا حرج فيه .

كقول الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى طه /45 – 46.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ( قَالَ لا تَخَافَا ) أن يفرط عليكما ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) أي: أنتما بحفظي ورعايتي، أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما، فلا تخافا منه " انتهى. "تفسير السعدي" (ص 506).

وكقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) العلق/14.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" قال: ( ألم يعلم بأن الله يرى ) أي: أَمَا عَلِم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء " انتهى من "تفسير ابن كثير" (8 / 438).

وأعلى من ذلك، وأجل منه أن يكون مراده : الحمد لله على أن لنا ربا نعبده ، فأغنانا بألوهيته عن الفقر إلى ما سواه ؛ قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ  فاطر/15-17.

والحمد له على سبحانه على أن هدانا إليه ، وعرفنا به ، فعبدناه ، فلم نضع في متاهات الحيرة ، وضلالات الشرك . قال الله تعالى:  فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ الحج/30-31 .

فإذا كان هذا مراد القائل ، فلا حرج في إطلاق العبارة ، بأي من المعنيين السابقين، أو ما شابههما.

وإلا؛ فالأحسن بكل حال: أن يلزم اللفظ الوارد، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم العام في سائر سننه وأحواله؛ فمن أكل طعاما، حمد الله عليه ، ومن شرب شرابا حمد الله عليه ، ونحو ذلك مما يناسب حاله ، وهكذا سائر صيغ الحمد المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أذكاره، إنما كانت تلائم المقام الذي قالها فيه.

ومن أراد تعظيم نعمة الهداية عليه ، ففي القرآن ذكر مقال من أنعم الله عليهم بذلك: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ الأعراف/43

وعن الْبَرَاء بن عازب، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، إِنَّ الْأُلَى قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ: إِنَّ الْمَلَا قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا - إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا، وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ  رواه البخاري (7236)، ومسلم (1803).

ولو قال العبد : "الحمد لله"، وسكت، فلم يصلها بشيء، ولم يقيدها بشيء: لكان قد كفى، ووفى. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:  الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رواه مسلم (223)، من حديث أبي مالك الأشعري، رضي الله عنه.

والله أعلم

الأسماء والصفات
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب