حكم وصف جسد المرأة في القصص والروايات؟

09-07-2020

السؤال 333069

ما حكم كتابة وصف النساء في القصص أو الروايات، كلون الشعر والبشرة والطول وهكذا، وما الدليل على الحكم ؟

الجواب

الحمد لله.

وصف أجساد النساء في الروايات والقصص، إن كان وصفا لامرأة معينة معروفة، فهذا منهي عنه.

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ المُخَنَّثُ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ  رواه البخاري (5235)، ومسلم (2180).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا  رواه البخاري (5240).

وبوّب عليه النووي رحمه الله في "رياض الصالحين" بقوله: "باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل، إلا أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه" ثم ذكر الحديث.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب "رياض الصالحين":

" قال المؤلف رحمه الله: باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل، إلا لأمر شرعي، كنكاحها.

يعني: أنه لا يجوز للإنسان أن يصف امرأة لرجل فيقول صفتها كذا كالطول والحسن والبياض وما أشبه ذلك، إلا إذا كان هناك موجب شرعي...

والحاصل: أنه لا يجوز للإنسان أن يصف المرأة لرجل أجنبي منها ، إلا إذا كان هناك موجب شرعي، ومن ذلك ما يفعله بعض السفهاء بحيث يفتخر عند أصحابه وزملائه بجمال زوجته، فيقول: امرأتي جميلة، ووجها كذا، وعينها كذا، وفمها كذا، وما أشبه ذلك، فإن هذا من المحرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، والله الموفق " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6 / 488 - 489).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" فما كان من الشعر يتضمن هجو المسلمين، والقدح في أعراضهم، أو التشبيب بامرأة بعينها، والإفراط في وصفها، فذكر أصحابنا أنه محرم. وهذا إن أريد به أنه محرم على قائله، فهو صحيح... " انتهى من "المغني" (14 / 165).

وأما إن كان الوصف لامرأة غير معيّنة بل متخيّلة، فهذا مبني على جواز كتابة الروايات الخيالية، وقد سبق بيان الجواز في جواب السؤال رقم : (174829)، وترجيح الجواز إذا كانت القصة هادفة ولا تحتوي على مفاسد شرعية.

وبناء على هذا؛ إن كان هذا الوصف في سياق مباح ، وليس فيه إسفاف، ولا ذكر لتفاصيل البدن، ومفاتن المرأة ، ولا إثارة للغرائز : فلا يعلم ما يدل على حرمته.

وأما إن كان فيه شيء مما سبق ؛ فهذا باب من الباطل، وفحش القول . والله تعالى يقول:  وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ  الحج /30.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" أمر في هذه الآية الكريمة باجتناب قول الزور ، وهو الكذب والباطل ... وكل قول مائل عن الحق فهو زور، لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل، والاعوجاج " انتهى من"أضواء البيان"(5 / 750).

وهو باب فتنة وقد أمرنا بسد أبواب الفتن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وهذا أصل مستمر في أصول الشريعة ، كما قد بسطناه في قاعدة سد الذرائع وغيرها ، وبيّنا أن كل فعل أفضى إلى المحرم كثيرا ، كان سببا للشر والفساد، فإذا لم يكن فيه مصلحة راجحة شرعية، وكانت مفسدته راجحة، نهي عنه، بل كل سبب يفضي إلى الفساد نهي عنه ، إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة، فكيف بما كثر إفضاؤه إلى الفساد " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4 / 465).

والله أعلم.

أحكام الفنون والتمثيل
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب