حول صحة حديث ان الله قد وكل ملائكة السيئات إلى ملائكة الحسنات

06-07-2019

السؤال 300185

أرسل لي مقطع في الواتس أب عن شخص يحث على الاستغفار من الذنب ، لكنه ذكر حديثا أول مرة أسمع عنه ، وهو : ( أن الله قد وكل ملائكة السيئات إلى ملائكة الحسنات ، فإذا أذنب العبد ذنباً قالت ملائكة السيئات : نكتبها ؟ فتقول ملائكة الحسنات : أمهلوه ؛ لعله يستغفر ، فإذا جن الليل قالت ملائكة السيئات : هل نكتبها ؟ فتقول ملائكة الحسنات : أمهلوه ؛ لعله يستغفر ، فإذا نام العبد ولم يستغفر قال الله عز وجل : ما أقل حياء عبدي نام ، ولم يستغفرني ، وعزتي وجلالي لو استغفرني لغفرت له) ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

فإن هذا الحديث الذي أورده السائل الكريم لا أصل له ، وليس له إسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يروه أحد من أهل العلم في دواوين السنة المشهورة ، بل ولم يذكره أحد في الأحاديث الموضوعة .

وإنما هو حديث مشهور على مواقع التواصل ، وأورده بعض الدعاة المعاصرين في أحد برامجه ، ولم يذكر له أصلا ولا سندا .

وغالب الظن أنه موضوع مكذوب ، ويكثر ذكره عند الروافض فلعله من أكاذيبهم ، ثم تلقفه منه بعض الدعاة وللأسف .

ثانيا:

الذي وقفنا عليه في هذا المعنى، هو ما أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/185) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/124) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6650) ، من طريق إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا ، وَإِلَّا كُتِبَتْ وَاحِدَةً  .

وقد سبق الكلام على هذا الحديث، وبيان إسناده في جواب السؤال رقم : (274368) .

وأما كون المَلك الذي يكتب الحسنات وكله الله بالملك الذي يكتب السيئات فهذا ورد فيه حديث إلا أنه أيضا لا يصح .

وهذا الحديث روي من ثلاثة أوجه ، وجميعها لا يصح ، وهي كالتالي :

الوجه الأولى :

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/191) ، من طريق مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ ، قال ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِينٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ ، فَإِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أَثْبَتَهَا ، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ: امْكُثْ سِتَّ سَاعَاتٍ ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا أَثْبَتَ عَلَيْهِ سَيِّئَةً  .

وإسناده ضعيف ، فيه " الوليد بن مسلم " ، وهو يدلس تدليس التسوية ، وقد عنعن .

الوجه الثاني :

أخرجه هناد في "الزهد" (920) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6648) ، من طريق جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  الملك الذي على اليمين أمير على الملك الذي على الشمال ، فإذا عمل حسنة قال لصاحب الشمال اكتبها ، وإذا عمل سيئة قال له دعها لا تكتبها سبع ساعات لعله يستغفر  .

وإسناده موضوع ، فيه " جعفر بن الزبير " ، كذاب ، قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (752) :" كذبه شعبة ، وتركه أحمد ". انتهى ، والحديث من هذا الطريق قال فيه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2237) :" موضوع " انتهى.

الوجه الثالث :

أخرجه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (182) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6649) ، من طريق بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ حَسَنَةً كَتَبَهَا لَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً فَأَرَادَ صَاحِبُ الشِّمَالِ أَنْ يَكْتُبَهَا ، قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ: أَمْسِكْ. فَيُمْسِكُ عَنْ سَبْعِ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا ؛ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ  .

وإسناده تالف ، فيه " بشر بن نمير" ، متروك الحديث ، قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (3/822) :" بَصْرِيٌّ وَاهٍ .. قال أحمد: ترك الناس حديثه ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ " انتهى .

وهذا الطريق قال فيه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5/262) :" وهذا إسناد واه جدا ". انتهى.

وانظر ما سبق في جواب السؤال رقم : (274368) ، ورقم  : (296886) .

 والله أعلم 

الأحاديث الضعيفة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب