الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

والدها يرفض زواجها من شاب تحبه بسبب اختلاف مستواهما التعليمي

تاريخ النشر : 29-08-2014

المشاهدات : 11227

السؤال


أنا فتاه مسلمة متدينة - ولله الحمد - ، من عائله محافظة ، أعجبت بشاب ، وهو كذلك من عائلة محافظة ، وأكثر شيء جذبني له : أخلاقه ودينه ، تعلقنا ببعض رغم تديننا ، النفس ضعيفة ، وأحببنا بعضا لمدة سنتين بالسر ، وتعاهدنا ألا يصير بينا أي غلط ، أو لقاءات حتى نخطب ، سبب تأجيل الخطبة لبعد سنتين أن ظروف الشاب كانت تحتاج لوقت لتتحسن ، من دراسة وعمل ، وبعد أن تحسنت تقدم لخطبتي ، لكن والدي - هداه الله - رفضه باعتبار أني فتاة جامعية ، وهو لا ، طبعا أبديت موافقتي الشديدة عليه ، ومع ذلك رفض أبي بشدة ، حاول الشاب أكتر من مرة مع والدي ، لكن أبي يرفض ، اتفقت مع الشاب أن لا نتواصل ، ونترك التواصل لوجه الله ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . حاول أهلي أن يزوجوني ، لكن رفضت ، لم أتقبل أي رجل غير الشاب الذي أحببته . الآن أعيش بصراع وعذاب نفسي ، فترة أحاول إخراج الشاب من قلبي ، وفترة نعود لتواصل ووعدني بإعادة محاولة مع والدي ، فأرجو النصحية .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا نحتاج أن ننبهك إلى خطأ تواصلك مع هذا الشاب وقد استمر هذا الخطأ لمدة سنتين ، فأنت تعلمين أنه خطأ ، والإنسان العاقل الحازم إذا علم أن هذا الفعل خطأ فإنه يتركه ولا يتعلل بـ (ضعف النفس) .
ومطلوب من الإنسان أن يقوي نفسه ، ويقوي إيمانه حتى يقوى على ترك ما يعلم أنه خطأ وحرام ، وذلك بكثرة قراءة القرآن والصلاة وذكر الله واستحضار أن الله تعالى يراه ويسمعه ويراقبه ، وأن الملائكة تكتب عليه كل ما يقول أو يفعل ، وسوف ينشر له ذلك الكتاب إلى يوم القيامة .. إلخ .
فبهذا يقوى الإيمان ، وتقوى النفس ، ويترك المسلم ما حرم الله عليه .

ثانيا :
تعلقك بهذا الشاب أمر طبيعي . فماذا تنتظرين من فتاة في سنك تتواصل مع شاب ، ويحضرهما الشيطان ويشجعهما ويزين لهما الحرام ؟ مع ما في هذا التواصل من كلمات الحب والغرام والإعجاب والمدح ... إلخ ؛ وأي فتاة لا يعجبها ذلك ، ولا يخلب عقلها ، ويسرق لبها ؟!
لا بد أن ذلك واقع ، حتى يصور لها الشيطان أنها لا يمكن أن تعيش بدون هذا الشاب ، وأنها ستنتظره عشرين سنة ، ولن تتزوج بغيره ، وأن هذا الشاب لا يوجد أحد مثله في أخلاقه ودينه ... إلخ .
مع أنها لو فكرت بعقلها لعلمت أن الشاب الذي يرضى أن يتواصل مع فتاة ، من وراء أهلها لمدة سنتين : لا يصح وصفه بأنه ذو دين وخلق .
وهل يرضى هذا الشاب لأخته أو ابنته أن تفعل ذلك ، مع شاب أيضا صاحب دين وخلق ؟ اسأليه : ماذا سيفعل إن وقع ذلك ؟

والغريب أننا رغم مئات ومئات من المآسي ، نسمع نفس المبررات ، الشاب يقول عن نفسه : أنا لست كغيري ، أنا أحبك حبا صادقا ، والفتاة المخدوعة تخدع نفسها أيضا وتقول : هذا الشاب ليس كغيره من الشباب ، هو صاحب دين وخلق ، ثم تكون النهاية مأساوية في كثير من القصص .

ثالثا :
إننا نتفق مع والدك في رفضه هذا الشاب للسبب الذي ذكرتيه ، فإن اختلاف مستوى التعليم والثقافة بين الزوجين يتسبب في كثير من الأحيان في حدوث مشاكل بينهما ، وذلك لصعوبة التفاهم بينهما .
قد تقولين : إن فلانة تزوجت من فلان مع اختلاف مستواهما التعليمي ، ونجح زواجهما ولم يفشل .
فنقول لك : وفلانة الأخرى ، وفلانة وفلانة .. ، حدث بينها وبين زوجها مشاكل كثيرة متكررة من أجل هذا السبب .
فهل ترضين لنفسك أن تكون حياتك محلا للتجربة ، إما أن تنجح وإما أن تفشل ، بدلا من أن يكون اختيارك مبنيا على أسس سليمة ؟
إننا لا نحرم ولا نمنع ما أحل الله ، فلا نحرم الزواج في مثل هذه الظروف والأوضاع ( مع اختلاف المستوى التعليمي ) ، غير أن واقع الناس يحذرنا أن نقع فيما أخطأ فيه الآخرون ، وكما قيل : السعيد من وعظ بغيره ، لا من وعظ الناس به ، وكان عبرة أمامهم ، على خطئه .

رابعا :
اعلمي أن الدراسات والأبحاث تثبت أن أكثر الزيجات المبنية على علاقة ومحبة سابقة قبل الزواج أنها تنتهي بالفشل ، خلافا لما يظنه الناس .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (84102) فارجعي إليها ، لتتعرفي على أسباب ذلك .

ثم نقول لك أيتها السائلة الكريمة :
دعي ما تقوله الدراسات من أن نسبة كبيرة من الزيجات المبنية على علاقات سابقة : تفشل ، أو تكون عرضة للفشل .
ودعي ما يقوله الواقع : من أن التفاوت الكبير في المستوى التعليمي ، والشهادة الجامعية : هو أيضا عامل آخر من عوامل الفشل ، أو لنقل : من عوامل عدم الانسجام في المعيشة فيما بعد ذلك ؛ دعي ما يقوله الواقع ، وما تقوله الدراسات ، والتجارب .
فماذا في أيدينا ، نحن وأنت أن نفعله ؛ وقد رفض والدك ، وبشدة كما تقولين ، أن تتزوجي من هذا الشاب ؟
ربما لو كان والدك هو من يخاطبنا ، لقلنا له : إذا لم تستطع إقناع ابنتك في نهاية الأمر ، وكانت مصرة على تلك العلاقة ، وكانت ، وكانت ... ؛ فما حيلة المضطر ؟؟
لكن والدك لا يسمعنا ، ولا نحن نجهر له بمثل هذا القول ، المضطر ؛ والزواج من غير موافقة والدك ، وولي أمرك : باطل شرعا ، غير مقبول واقعا ؛ فماذا ـ يا ترى ـ سوف يكون الحل ؟
هل تريدين أن تثبتي لوالدك ، ولمجتمعك : أن رغبتك ، وإصرارك أعظم وأقوى من موقف والدك؟؟
وأن بإمكانك أن تفعلي أشياء كثيرة ، رغم رفض والدك .
هل تريدين أن تثبتي أن بإمكانك أن تقابلي الرفض بالرفض ، والعناد بعناد ؛ فلا هو زوجك بمن تريدين ، ولا أنت ستتزوجين بمن يريده ، وربما لا تتزوجين من الأساس ؟!
فأي شرع ، وأي عقل ، وأي منطق ، وأي عرف مستقيم : يقبل منك بهذا ؟!

وأخيرا ...
إننا ننصحك بطاعة والدك ، وقطع علاقتك بهذا الشاب نهائيا ، والتوبة من هذا الخطأ والفعل المحرم ، وأن تقبلي على حياتك بنفس قوية ، وبقلب مليء بالإيمان بالله والخوف منه والرجاء لثوابه ، مع الحرص التام على البعد عن كل خطأ لا يرضي الله تعالى .
ومتى قطعت علاقتك بالشاب ، حقيقة لا تجربة واختبارا ، فلن تلبثي ، إن شاء الله ، أن يهون عليك الأمر ، ويغطيه النسيان ، كما حصل مع ألوف مؤلفة ، سواكما ، ثم لم يتوقف أمر الزواج ، ولم تتوقف حياة الناس ، فقد بنيت الدنيا على نسيان الأحبة .
فتعاملي مع الأمر بإيجابية ، وواقعية ، وتناسي همومك ، وعلائقك ، وإذا تقدم لك شاب مرضي الدين والخلق فإنك تقبلين الزواج منه .
وبهذا تكونين قد طويت تلك الصفحة الخاطئة من حياتك ، وفتحت صفحة بيضاء نقية عنوانها : " طاعة الله تعالى والفرار من معصيته " .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والفلاح وأن يلهمك رشدك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب