الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل يشترط لوجوب الزكاة نماء المال وزيادته؟

409558

تاريخ النشر : 22-03-2023

المشاهدات : 3781

السؤال

أذكر أنه قبل بضع سنين درسنا في مادة العلوم الإسلامية أن من شروط الزكاة: النماء أي الزيادة. سؤالي هو: إذا كان لدينا مبلغ ما بقيمة ما يبلغ النصاب عند تاريخ معين، ثم دار عليه الحول لكن بنقصان عن القيمة الأولى، مع تحقيقه لشرط النصاب، ولكن شرط النماء غير متحقق، فهل في هذه الحال تجب الزكاة في هذا المال؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ليس من شرط الزكاة نماء المال حقيقةً ، وإنما التمس العلماء الحكمة من تخصيص الزكاة ببعض الأموال ، فوجدوا أن الشرع أوجب الزكاة في الأموال التي هي مظنَّةٌ للنَّماء، أي: يرجى أن تنمو وتثمر مع دوران الحول عليها . وهي :

1-الذهب والفضة (ويلحق بهما الآن الأوراق النقدية).

2- الخارج من الأرض ( الزروع والثمار والركاز).

3- بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) .

4- عروض التجارة .

وقد أجمع العلماء على وجوب الزكاة في هذه الأموال ، إلا خلافا ضعيفا في عروض التجارة .

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى" (25/10) عن ابن المنذر رحمه الله أنه قال : "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي تِسْعَةِ أَشْيَاءَ : فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالذَّهَبِ

وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ (القمح) وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ . إذَا بَلَغَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ" انتهى .

وينظر جواب السؤال رقم: (49632)، (220039).

وهذه الأموال نوعان:

الأول : ما يتحقق فيه النماء حقيقةً ، كالزروع والثمار وبهيمة الأنعام .

النوع الثاني : ما هو قابل للنماء إذا عمل فيه الإنسان ، كالذهب والفضة والأوراق النقدية ، فإنها قابلة للنماء ، إذ إنها رؤوس أموال التجارات .

قال الكاساني في بيان شروط الزكاة: "ومنها: كون المال ناميا؛ لأن معنى الزكاة وهو النماء لا يحصل إلا من المال النامي، ولسنا نعني به حقيقة النماء؛ لأن ذلك غير معتبر، وإنما نعني به كون المال معدا للاستنماء". انتهى من "بدائع الصنائع" (2/ 11)

وقال ابن القاسم رحمه الله في حاشيته على "الروض المربع" (3/256) :

"والزكاة إنما شرعت في الأموال النامية" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"وَالزَّكَاةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْأَشْيَاءِ النَّامِيَةِ ، لِيُخْرِجَ مِنْ النَّمَاءِ فَيَكُونَ أَسْهَلَ" انتهى من "المغني" (4/169).

وقال أيضا (4/74):

"وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا اُعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ وَمَا لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ ، أَنَّ مَا اُعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ مُرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ ، فَالْمَاشِيَةُ مُرْصَدَةٌ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ مُرْصَدَةٌ لِلرِّبْحِ ، وَكَذَا الْأَثْمَانُ [الذهب والفضة والنقود] ، فَاعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ ؛ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ النَّمَاءِ ، لِيَكُونَ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ الرِّبْحِ ، فَإِنَّهُ أَسْهَلُ وَأَيْسَرُ.

وَلَمْ نَعْتَبِرْ حَقِيقَةَ النَّمَاءِ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِ ، وَعَدَمِ ضَبْطِهِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ ضَابِطٍ ، كَيْ لَا يُفْضِيَ إلَى تَعَاقُبِ الْوُجُوبِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ مَرَّاتٍ، فَيَنْفَدَ مَالُ الْمَالِكِ .

أَمَّا الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ ، فَهِيَ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهَا ، تَتَكَامَلُ عِنْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْهَا ، فَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا حِينَئِذٍ ، ثُمَّ تَعُودُ فِي النَّقْصِ لَا فِي النَّمَاءِ ؛ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ ثَانِيَةٌ ، لِعَدَمِ إرْصَادِهَا لِلنَّمَاءِ ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْمَعْدِنِ مُسْتَفَادٌ خَارِجٌ مِنْ الْأَرْضِ ، بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ كُلِّ حَوْلٍ ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلنَّمَاءِ ، مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَثْمَانَ قِيَمُ الْأَمْوَالِ ، وَرَأْسُ مَالِ التِّجَارَاتِ ، وَبِهَا تَحْصُلُ الْمُضَارَبَةُ وَالشَّرِكَةُ ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ لِذَلِكَ ، فَكَانَتْ بِأَصْلِهَا وَخِلْقَتِهَا ، كَمَالِ التِّجَارَةِ الْمُعَدِّ لَهَا" انتهى.

ثانيا:

ما دام المسلم يمتلك نصابا، وحال عليه الحول: فعليه زكاته ، حتى ولو كان المال قد نقص عن عامه السابق، أو كانت التجارة خاسرة ، ما دام المال لم ينقص عن النصاب .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

نحن نملك محلًا تجاريًا ونخسر فيه خسارة كبيرة، هل علينا زكاة عروض التجارة؟

فأجاب :

"إذا كانت السلع التي فيه للتجارة للبيع فعليكم زكاتها، أما المحل الذي يعد للبيع فهو لا يعد لبيعه، لا يباع هو، ولكنه بيت للبيع أو دكان للبيع، هذا ليس فيه زكاة، لكن السلع التي فيه للبيع هي التي تسمى عروض التجارة، وتزكى كلما حال الحول تعرف قيمتها وتزكي" انتهى .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

هناك شركة متخصصة في تربية أسماك الربيان، قامت بشراء أرض مساحتها مليون متر مربع، وأنشأت عليها ثمانين حوضًا من أحواض الربيان، وأدخلت لها الكهرباء ومراوح الشفط وغير ذلك من احتياج التربية، ثم بدأت بشراء صغار الربيان وإيداعها في هذه الأحواض وتكليف عمال بالإشراف عليها وتزويدها بالطعام والدواء اللازم، وبعد مضي عدد من الأشهر نقوم ببيعها ونشتري صغارًا أخرى وهكذا دواليك، وقد بلغت تكاليف إنشاء الأحواض مع شراء الأرض مبلغ (13) مليون ريال، و بلغت تكاليف شراء الربيان والصرف عليها في السنة الأولى مبلغ (خمسة ملايين ريال) بما في ذلك رواتب العمال والمصاريف الإدارية وخلافه، وقد بلغت خسائر الشركة في السنة الأولى (2) مليون ريال، فهل هناك زكاة على هذه الشركة ما مقداره؟

فأجابوا :

"إذا تم حول من حين عملكم بهذه التجارة، فيجب عليكم حصر ما عندكم من الربيان المعد للتجارة، ثم يزكى زكاة عروض التجارة بما يساويه وقت وجوب الزكاة، وهو تمام الحول، سواء كان هذا الثمن يساوي ثمنه وقت الشراء أو أقل أو أكثر، والواجب إخراج ربع العشر، أي ما يعادل 2.5%، وأما الأرض وما يتبعها من أحواض وآلات فلا زكاة فيها؛ لأنها معدة للاستعمال لا للبيع.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الشيخ بكر أبو زيد ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (8/ 88-89) المجموعة الثانية.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب