الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

كيف يعدل الزوج في المبيت بين الزوجتين، اذا كانتا تعيشان في منزل واحد؟

378473

تاريخ النشر : 29-06-2022

المشاهدات : 2260

السؤال

كيف يعدل الزوج في المبيت بين الزوجتين إذا كانتا تعيشان في منزل واحد، ولكن كل منهما في طابق مختلف، مع العلم إن المنزل مكون من ثلاثة طوابق، بحيث يبيت الأطفال في الطابق الثاني، وقد يتحجج الزوج بالذهاب عند الزوجة الثانية كأن تكون غرفتها أكثر برودة أو أوسع، وقد تلجأ الزوجة الثانية إلى اجتذاب الزوج بحججها؛ لكي يقوم بالذهاب إليها في يوم ليس لها، فهل يجوز هذا التجاوز من الزوج و الزوجات في حق إحداهن؟ آمل توضيح شروط المبيت في حال كانت الزوجات يعشن في نفس المنزل، ويتشاركن نفس المطبخ.

الجواب

الحمد لله.

الواجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته.

قال الله تعالى:فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً النساء/3.

قال ابن العربي رحمه الله تعالى:

" قوله تعالى: ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا )، قال علماؤنا: معناه في القسم بين الزوجات والتسوية في حقوق النكاح، وهو فرض" انتهى من "أحكام القرآن" (1/313).

ونُهي الرجل أن يميل إلى إحدى زوجاته دون الأخريات.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ رواه أبو داود(2133)، والترمذي(1141)، والنسائي (3942)، وابن ماجه(1969).

وصححه الشيخ الألباني، وقال: " وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبى ، وابن دقيق العيد كما نقله الحافظ فى " التلخيص " (3 / 201) وأقره... " انتهى من "إرواء الغليل" (7 /80–81).

ومن أهم مسائل العدل بين الزوجات، مسألة المبيت فواجب على الزوج أن يقسم لياليه بين زوجاته بالعدل.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" وأجمعوا أن العدل في القسمة بين الزوجات واجب.

واختلفوا في كيفية العدل، إلا أنهم اتفقوا في المساواة بين الليالي في الحرائر المسلمات العاقلات غير الناشزات ما لم يكن فيهن متزوجة مبتدأة البناء" انتهى من "مراتب الإجماع" (ص65).

وما دام البيت عدة طوابق ، فعليه أن يقسم الليالي بين زوجتيه بالعدل، فيبيت عند كل زوجة في غرفتها الخاصة بها، أو طابقها الذي تسكنه : ليلة. والنهار تبع لليل.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (33/193):

" الأصل في القسم وعماده الليل، وذلك باتفاق الفقهاء؛ لأنهم قالوا: التسوية الواجبة في القسم تكون في البيتوتة؛ ولأن الليل للسكن والإيواء، يأوي فيه الرجل إلى منزله، ويسكن إلى أهله، وينام في فراشه مع زوجته عادة...

والنهار يدخل في القسم تبعا لليل، لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي)، وإنما قبض النبي صلى الله عليه وسلم نهارا، ويتبع اليوم الليلة الماضية أي التي سبقت ذلك اليوم.

وإن أحب الزوج أن يجعل النهار في القسم لزوجاته مضافا إلى الليل الذي بعده جاز له ذلك؛ لأنه لا يتفاوت، والغرض العدل بين الزوجات وهو حاصل بذلك" انتهى.

لكن النهار بسبب أنه زمن سعي الإنسان في مصالحه، فله أن يدخل في بيت من ليس يومها بقدر الحاجة والمصلحة.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (33 /195–196):

" اتفق الفقهاء على أن من له أكثر من زوجة عليه أن يوفي كل واحدة منهن قسمها، دون نقص أو تأخير، لأن هذا من العدل الواجب عليه في القسم بينهن.

ولكنهم اختلفوا في خروج الزوج في نوبة إحدى زوجاته - ليلا أو نهارا - ودخوله على غيرها كذلك ليلا أو نهارا، ولهم في ذلك تفصيل على النحو التالي:

قال الشافعية والحنابلة: ...

وليس لهذا الزوج دخول في نوبة زوجة على غيرها ليلا، لما فيه من إبطال حق صاحبة النوبة، إلا لضرورة كمرضها المخوف...

وإن دخل الزوج في نوبة إحدى زوجاته على غيرها نهارا، فإنه يجوز لحاجة؛ لأنه يُتسامح فيه ما لا يتسامح في الليل، فيدخل لوضع متاع ونحوه، كتسليم نفقة وتعرف خبر وعيادة .. لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها )، فإذا دخل لشيء من ذلك لم يطل مكثه عن قدر الحاجة ولم يجامع " انتهى.

وقال ابن عابدين رحمه الله تعالى:

" قال في الفتح: لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة، وليس المراد أن يضبط زمان النهار، فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى؛ بل ذلك في البيتوتة، وأما النهار ففي الجملة اهـ.

يعني لو مكث عند واحدة أكثر النهار كفاه أن يمكث عند الثانية ولو أقل منه، بخلافه في الليل.

( قوله: ولا يجامعها في غير نوبتها) أي ولو نهارا. ط. " انتهى من"الدر المختار"(4/386).

وجاء في "منح الجليل شرح مختصر خليل"(3/540) في الفقه المالكي:

" (ولا يدخل) أي يحرم أن يدخل الزوج (على ضرتها في يومها) في كل حال ( إلا) دخوله على ضرتها في يومها (لحاجة)، غير الاستمتاع، كأخذ ثوب ونحوه فيجوز ..." انتهى.

فلذا ما يقوم به هذا الزوج من الذهاب إلى الزوجة الأخرى بحجة حرارة الجو هو أمر محرم، فعليه أن يتقي الله تعالى ويعدل بين زوجاته في المبيت ليلا، وإن كان يعجبه برودة غرفة إحداهما، فليبرد غرفة الأخرى، وليصلحها لها، وليعدل بينهما في كيفية السكن؛ وهذا الواجب عليه، لا أن يتعلل بذلك ليدخل على صاحبة الغرفة الباردة!!

وأما نهارا فيدخل في غرفة من ليست نوبتها، بقدر الحاجة، على ما سبق تفصيله، لا أنه يدخل عندها من غير سبب مقنع طارئ يستدعي ذلك الدخول؛ كأن يأخذ شيئا ونحو هذا، لا للراحة والاستمتاع.

وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" أنا امرأة متزوجة برجلٍ متزوج، وهي الزوجة الثانية، وهو يقسم بيننا لكل واحدة يوم، ولكنه دائماً وبعد صلاة الفجر يذهب وينام عند الأولى في أيام العطل والجمع، وحتى قبل أن يذهب للعمل سواء كان ذلك اليوم لها أو لي، ويقول بأن العدل في المبيت والنفقة، فهل في نومه الضحى عند الأولى في يومي يعتبر من المبيت ومن حقي، أم إن المبيت يقتصر على النوم ليلا، وفي النهار له أن ينام في أي مكان؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال النبي عليه الصلاة والسلام ( مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ )، وهذا يدل على أن الميل إلى إحدى الزوجتين من كبائر الذنوب؛ لأنه لا وعيد إلا على كبيرة، وعلى هذا فعلى الرجل أن يتقي الله عز وجل في نسائه وأن يعدل بينهم بكل ما يملك، وأما ما لا يملكه كميل القلب إلى إحداهما أو زيادة محبتها على الأخرى وما أشبه ذلك فإنه لا حيلة له فيه، وإلى هذا يشير قول الله تعالى (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ).

وأما ما ذكر في السؤال من كونه يذهب إلى الأولى، وينام عندها في النهار دون الأخرى، فهذا من الميل الذي يمكنه أن يقومه ويعدّله، فلا يجوز له أن يميل إلى إحداهما هذا الميل... " انتهى من"فتاوى نور على الدرب"(10/273).

كما أنه لا يجوز لإحدى الزوجات أن تتحايل لتجعل الزوج يذهب عندها ، لأنها بذلك تأخذ حق أختها .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب